﴿ولساناً﴾ يترجم به عن ضمائره ﴿وشفتين﴾ يستر بهما فاه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب والنفخ وغير ذلك. قال قتادة: نِعَمُ الله تعالى عليه متظاهرة فيقررّه بها كي يشكره. قال البغوي: وجاء في الحديث أن الله تعالى يقول: «يا ابن آدم إن نازعك لسانك فيما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق، وإن نازعك بصرك إلى بعض ما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق، وإن نازعك فرجك إلى بعض ما حرّمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق».
﴿وهديناه﴾، أي: أتيناه من العقل ﴿النجدين﴾ قال أكثر المفسرين: بيّنا له طريق الخير والشر والهدى والضلال والحق والباطل كقوله تعالى: ﴿إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإمّا كفوراً﴾ (الإنسان: ٣)
وصار بما جعلناه له من ذلك سميعاً بصيراً عالماً، فصار موضعاً للتكليف. روى الطبراني أنه ﷺ قال: «يا أيها الناس هلموا إلى ربكم فإنّ ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، يا أيها الناس إنما هما نجدان نجد خير ونجد شرّ فلم جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير». قال المنذري: النجد هنا الطريق. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: بيّنا له الثديين، وهو قول سعيد بن المسيب والضحاك، وأصله المكان المرتفع.
﴿فلا اقتحم العقبة﴾، أي: فهلا أنفق ماله فيما يجوز به العقبة من فك الرقاب وإطعام المساكين والأيتام بل غمط النعم وكفر بالمنعم.
والمعنى: أن الإنفاق على هذا الوجه هو الإنفاق المرضي النافع عند الله تعالى، لا أن يهلك مالاً لبداً في الرياء والفخر وعداوة النبي ﷺ فيكون على هذا الوجه ﴿كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم﴾ (آل عمران: ١١٧)
(١٣/٤٦٧)