﴿ثم كان من الذين آمنوا﴾ قائماً مقام التكرير فكأنه قال: ﴿فلا اقتحم العقبة﴾ ولا آمن. وقال الزمخشري: هي متكرّرة في المعنى: لأنّ معنى فلا اقتحم العقبة فلا فك رقبة ولا أطعم مسكيناً، ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك. قال أبو حيان: ولا يتيم له هذا إلا على قراءة فك فعلاً ماضياً. وعن مجاهد: أنّ قوله تعالى: ﴿ثم كان من الذين آمنوا﴾ يدل على أن: لا بمعنى لم ولا يلزم التكرير مع لم فإن كرّرت لا كقوله تعالى ﴿فلا صدّق ولا صلى﴾ فهو كقوله تعالى: ﴿لم يسرفوا ولم يقتروا﴾ (الفرقان: ٦٧)
تنبيه: ثم كان معطوف على اقتحم وثم للترتيب، والمعنى: كان وقت الاقتحام من الذين آمنوا. وقال الزمخشري: جاء بثم لتراخي الإيمان وتباعده في الرتبة والفضيلة عن العتق والصدقة لا في الوقت، لأنّ الإيمان هو السابق المقدّم على غيره، ولا يثبت عمل صالح إلا به. ﴿وتواصوا﴾، أي: وصبروا وأوصى بعضهم بعضاً ﴿بالصبر﴾، أي: على الطاعة وعن المعصية والمحن التي يبتلى بها المؤمن.
﴿وتواصوا بالمرحمة﴾، أي: بالرحمة على عباده بأن يكونوا متراحمين متعاطفين، أي: بما يؤدّي إلى رحمة الله تعالى.
﴿أولئك﴾، أي: الموصوفون بهذه الصفات ﴿أصحاب الميمنة﴾، أي: الجانب الذي فيه اليمن والبركة والنجاة من كل هلكة. وقال محمد بن كعب: ، أي: الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم. وقال يحيى بن سلام: لأنهم ميامين على أنفسهم. وقال ابن زيد: لأنهم أخذوا من شق آدم الأيمن. وقال ميمون بن مهران: لأنّ منزلتهم عن اليمين. وقال الزمخشري: الميمنة اليمين أو اليمن.
(١٣/٤٧٠)


الصفحة التالية
Icon