فإن قيل: كيف يصح النفاق مع المجاهرة بقولهم: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ أجيب: بأنّ هذا القول كانوا يقولونه فيما بينهم لا عند المؤمنين فأخبر الله سبحانه نبيه ﷺ والمؤمنين بذلك والسفه خفة وسخافة رأي يقتضيهما نقصان العقل والعلم يقابله.
فإن قيل: لم عبر في هذه الآية بلا يعلمون وفي التي قبلها بلا يشعرون؟ أجيب: بأنّ التعبير بلا يعلمون أكثر مطابقة لذكر السفه لأن السفه جهل فطابقه العلم ولأنّ أمر الإيمان أخروي يحتاج إلى دقة نظر، فعبر في الآية التي اشتملت عليه بلا يعلمون، وأمر البغي والفساد دنيوي فهو كالمحسوس لا يحتاج إلى دقة نظر، فعبر في الآية التي اشتملت عليه بلا يشعرون، ويشعر مضارع شعر، يقال: شعرت كذا، أي: حسست به أو أدركته، أي: فطنت له، وقد استعمل بالمعنى الأوّل في قوله: ﴿وما يشعرون﴾ وفي الثاني بقوله: ﴿لا يشعرون﴾ كما يعلم مما به قررته في الآيتين، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي: السفهاء ألا، بتحقيق الهمزتين، وكذا كل همزتين وقعتا في كلمتين اتفقتا أو اختلفتا، والباقون وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وبإبدال الثانية واواً خالصة.
﴿س٢ش١٤/ش١٧ وَإِذَا لَقُوا؟ الَّذِينَ ءَامَنُوا؟ قَالُو؟ا؟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا؟ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُو؟ا؟ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُو؟لَا؟؟ـ؟ِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا؟ الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا؟ مُهْتَدِينَ * مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّآ أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُ؟ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ s يُبْصِرُونَ ﴾
(١/٥٢)


الصفحة التالية
Icon