﴿الذي يؤتي ماله﴾، أي: يصرفه في وجوه الخير لقوله تعالى: ﴿يتزكى﴾ فإنه بدل من يؤتى أو حال من فاعله فعلى الأوّل: لا محل له لأنه داخل في حكم الصلة، والصلة لا محل لها. وعلى الثاني: محله نصب. قال البغوي: يعني أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه في قول الجميع. قال ابن الزبير: كان يبتاع الضَعَفَة فيعتقهم، فقال له أبوه: أي بنيّ لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك، فقال: منع ظهري أريد، فأنزل الله تعالى ﴿وسيجنبها الأتقى﴾ إلى آخر السورة. وذكر محمد بن إسحاق قال: كان بلال لبعض بني جمح وهو بلال ابن رباح واسم أمّه حمامة، وكان صادق الإسلام طاهر القلب، وكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الشمس فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، فيقول: وهو في ذلك أحد أحد. قال محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه قال: مرّ به أبو بكر يوماً وهم يصنعون به ذلك، وكانت دار أبي بكر في بني جمح، فقال لأمية ألا تتقي الله تعالى في هذا المسكين، قال: أنت أفسدته فأنقذه مما ترى، قال أبو بكر: أفعل عندي غلام أسود أجلد منه، وهو على دينك أعطيكه، قال: قد فعلت فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذه فأعتقه. وكان قد أعتق ست رقاب على الإسلام قبل أن يهاجر وبلال سابعهم، وهم عامر بن هبيرة قوله ابن هبيرة: هكذا في النسخ والذي في حاشية الجمل ابن فهيرة بالفاء والهاء اه شهد بدراً وأحداً، وقتل يوم بئر معونة شهيداً، وأعتق أمّ عميس فأصيب بصرها حين أعتقها فقالت قريش: ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى، فقالت: كذبوا وبيت الله ما تضر اللات والعزى ولا تنفعان، فرد الله تعالى بصرها وأعتق النهدية وابنتها وكانتا لامرأةٍ لبني عبد الدار، فمرّ بهما وقد بعثتهما سيدتهما يحتطبان لها وهي تقول لهما: والله لا أعتقكما أبداً، فقال أبو بكر: كلا يا أمّ فلان، فقالت: كلا أنت أفسدتهما فأعتقهما، قال: فبكم؟ قالت: بكذا وكذا، قال: