ويروى أنّ الله تعالى لما خلق العرش أظلت عمامة سوداء ونادت ماذا أمطر؟ فأجيبت: أن امطري السرور ساعة فلهذا ترى الهموم والأحزان دائمة والسرور قليلاً ونادراً، وقدّم ذكر الضحى وأخر الليل؛ لأنه يشبه الموت.
وقوله تعالى: ﴿ما ودّعك﴾، أي: تركك يا أشرف الرسل تركاً تحصل به فرقة كفرقة المودّع، ولو على أحسن الوجوه الذي هو مراد المودع ﴿ربك﴾، أي: المحسن إليك جواب القسم ﴿وما قلى﴾، أي: وما أبغضك بغضاً ما، وتركت الكاف لأنه رأس آية كقوله تعالى: ﴿والذاكرين الله كثيراً والذاكرات﴾ (الأحزاب: ٣٥)
أي الله.
تنبيه: اختلفوا في سبب نزول هذه الآية على ثلاثة أقوال أحدها ما روى البخاري عن جندب بن سفيان قال: «اشتكى رسول الله ﷺ ليلتين أو ثلاثاً فجاءت أمّ جميل امرأة أبي لهب، فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث» فنزلت.
ثانيها: ما روى أبو عمرو قال: «أبطأ جبريل عليه السلام على النبيّ ﷺ حتى شق عليه فجاءه وهو واضع جبهته على الكعبة يدعو وأنزل عليه الآية».
(١٣/٤٨٨)
ثالثها: ما روي «أنّ خولة كانت تخدم النبيّ ﷺ فقالت: إنّ جرواً دخل البيت فدخل تحت السرير فمات فمكث النبيّ ﷺ أياماً لا ينزل عليه الوحي، فقال ﷺ يا خولة ما حدث في بيتي إنّ جبريل عليه السلام لا يأتيني قالت خولة: فكنست فأهويت بالمكنسة تحت السرير فإذا جرو ميت فأخذته فألقيته خلف الجدار فجاء نبيّ الله ﷺ ترعد لحياه وكان إذا نزل عليه الوحي استقبلته الرعدة، فقال: يا خولة، دثريني فأنزل الله تعالى هذه السورة.
ولما نزل جبريل عليه السلام سأله النبي ﷺ عن التأخير فقال: أما علمت أنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة»
.


الصفحة التالية
Icon