وقيل: رفع ذكره بأخذ ميثاقه على النبيين وإلزامهم الإيمان به والإقرار بفضله. وقيل: عام في كل ما ذكر، وهذا أولى وكم من موضع في القرآن يذكر فيه النبيّ ﷺ من ذلك قوله تعالى: ﴿والله ورسوله أحق أن يرضوه﴾ (التوبة: ٦٢)
. وقوله تعالى: ﴿ومن يطيع الله ورسوله فقد فاز﴾ (الأحزاب: ٧١)
. وقوله تعالى: ﴿وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول﴾ (المائدة: ٩٢)
ولما كان المشركون يعيرونه ﷺ والمؤمنين بالفقر والضيقة حتى سبق إلى وهمه أنهم رغبوا عن الإسلام لافتقار أهله واحتقارهم، ذكره ما أنعم الله به عليه من جلائل النعم، ثم وعده اليسر والرخاء بعد الشدّة فقال تعالى:
﴿فإن مع العسر﴾، أي: ضيق الصدر والوزر المنقض للظهر وضلال القوم وإيذائهم ﴿يسراً﴾، أي: كالشرح والوضع والتوفيق للاهتداء والطاعة فلا تيأس من روح الله إذا عراك ما يهمك، فإن مع العسر الذي أنتم فيه يسراً. فإن قيل: إنّ مع للصحبة فما معنى اصطحاب العسر واليسر؟ أجيب: بأن الله تعالى أراد أن يصيبهم بيسر بعد العسر الذي كانوا فيه بزمان قريب، فقرب اليسر المترقب حتى جعله كالمقارن للعسر زيادة في التسلية وتقوية القلوب.
(١٤/١)
وقوله تعالى: ﴿إنّ مع العسر ويسراً﴾ استئناف وعد الله تعالى بأن العسر متبوع بيسر آخر كثواب الآخرة، كقولك: للصائم فرحة، ثم فرحة، أي: فرحة عند الإفطار وفرحة عند لقاء الرب، ويجوز أن يراد باليسرين ما تيسر من الفتوح في أيام رسول الله ﷺ وما تيسر لهم أيام الخلفاء وقيل: تكرير.