ولا يجوز أن يكون سينين نعتاً للطور لإضافته إليه.
﴿وهذا البلد الأمين﴾، أي: الآمن، من أمن الرجل أمانة فهو أمين، وهي مكة حرسها الله تعالى؛ لأنها الحرم الذي يأمن الناس فيه في الجاهلية والإسلام، لا ينفر صيده ولا يعضد ورقه، أي: شجره، ولا تلتقط لقطته إلا لمنشد أو المأمون فيه يأمن فيه من دخله.
قال الزمخشريّ: ومعنى القسم بهذه الأشياء الإبانة عن شرف البقاع المباركة وما ظهر منها من الخير والبركة بسكنى الأنبياء والصالحين فمنبت التين والزيتون مهاجر إبراهيم عليه السلام، ومولد عيسى عليه السلام ومنشؤه والطور المكان الذي نودي منه موسى عليه السلام، ومكة البيت الذي هو هدى للعالمين ومولد رسول الله ﷺ ومبعثه اه.
(١٤/٥)
وقوله تعالى: ﴿لقد خلقنا﴾، أي: قدّرنا وأوجدنا بما لنا من العظمة والقدرة التامّة ﴿الإنسان﴾ جواب القسم والمراد بالإنسان: الجنس الذي جمع فيه الشهوة والعقل، وفيه من الإنس بنفسه ما ينسيه أكثر مهمه الشامل لآدم عليه السلام وذريته. وقيل: نزلت في منكري البعث. وقيل: في الوليد بن المغيرة وقيل: كلدة بن أسيد. وقوله تعالى: ﴿في أحسن تقويم﴾ صفة لمحذوف، أي: في تقويم أحسن تقويم. وقال أبو البقاء: في أحسن تقويم في موضع الحال من الإنسان، وأراد بالتقويم القوام لأن التقويم فعل وذاك وصف للخالق لا للمخلوق، ويجوز أن يكون التقدير في أحسن قوام التقويم فحذف المضاف، ويجوز أن تكون في زائدة، أي: قومناه أحسن تقويم اه.
وأحسن تقويم أعدله لأنه تعالى خلق كل شيء منكباً على وجهه وخلق الإنسان مستوياً، وله لسان ذلق ويد وأصابع يقبض بها. قال ابن العربي: ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان، فإنّ الله تعالى خلقه حياً عالماً قادراً مريداً متكلماً سميعاً بصيراً مدبراً حكيماً وهذه صفات الله تعالى وعبر عنها بعض العلماء، ووقع البيان بقوله: «إن الله تعالى خلق آدم على صورته» يعني: على صفاته المتقدّم ذكرها.