﴿الذي علم ﴾ أي: بعد الحلم عن معاجلتهم بالعقاب جوداً منه تعالى من غير مانع من خوف عاقبة، ولا رجاء منفعة ﴿بالقلم ﴾ أي: الخط بالقلم.
﴿علم الإنسان ما لم يعلم ﴾ فدل على كمال كرمه بأنه علَّم عباده مالم يعلموه، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها إلا هو، وما دونت العلوم ولا قيدت الحكم، ولا ضبطت أخبار الأوّلين ومقالاتهم، ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة، ولولا هي لما استقامت أمور الدين والدنيا، ولو لم يكن على دقيق حكمة الله تعالى ولطيف تدبيره دليل إلا أمر القلم والخط لكفى به. ولبعضهم في صفة القلم:
*وروا قم رقش كمثل أراقم | قطف الخطا نيالة أقصى المدى* |
*سود القوائم ما يجدّ مسيرها | إلا إذا لعبت بها بيض المدى* |
وفيمن علم بالقلم ثلاثة أقوال: أحدها: قال كعب: أوّل من كتب بالقلم آدم عليه الصلاة والسلام. ثانيها: قال الضحاك: إدريس عليه السلام. ثالثها: أنه جميع من كتب بالقلم لأنه ما علم إلا بتعليم الله تعالى.
(١٤/١٣)