﴿عبداً﴾ أي: من العبيد وهو النبيّ ﷺ ﴿إذا صلى﴾ أي: خدم سيده الذي لا يقدر أحد أن ينكر سيادته بإيقاع الصلاة التي هي أعظم العبادات. نزلت في أبي جهل وذلك أنه نهى النبيّ ﷺ عن الصلاة. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ «قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقالوا: نعم. فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته، ولأعفرنّ وجهه في التراب،. قال: فأتى رسول الله ﷺ وهو يصلي ليطأ على رقبته فنكص على عقبيه وهو يتقي بيده، فقيل: له: مالك؟، فقال: إن بيني وبينه خندقاً من النار وهولاً وأجنحة، فقال رسول الله ﷺ لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً فأنزل الله تعالى هذه الآية». وفي رواية «لو فعله لأخذته الملائكة» زاد الترمذي: «عياناً». وعن الحسن أنه أمية بن خلف كان ينهى سلمان عن الصلاة وفائدة التنكير في قوله تعالى: ﴿عبداً﴾ الدلالة على أنه كامل العبودية، كأنه قيل: ينهى أشدّ الخلق عبودية عن العبادة وهذا عين الجهل.
وقيل: إن هذا الوعيد يلزم كل من ينهى عن الصلاة عن طاعة الله تعالى ولا يدخل في ذلك المنع من الصلاة في الدار المغصوبة، وفي الأوقات المكروهة لأنه قد ورد النهي عن ذلك في الأحاديث الصحيحة ولا يدخل أيضاً منع السيد عبده والرجل زوجته عن صوم التطوّع وقيام الليل والاعتكاف، لأنّ ذلك مصلحة إلا أن يأذن فيه السيد والزوج.
﴿أرأيت إن كان﴾ أي: المنهي وهو النبيّ ﷺ ﴿على الهدى﴾ وقرأ نافع بتسهيل الهمزة بعد الراء، وعن ورش إبدالها ألفاً، وأسقطها الكسائي، والباقون بالتحقيق
وقوله تعالى: ﴿أو أمر بالتقوى﴾ أي: بالإخلاص والتوحيد للتقسيم.
تنبيه: قوله تعالى: ﴿أرأيت﴾ تكرير للأوّل وكذا الذي في قوله:
﴿أرأيت إن كذب﴾ وهو أبو جهل ﴿وتولى﴾ عن الإيمان.
(١٤/١٦)


الصفحة التالية
Icon