وقيل: سميت بذلك لعظمها وشرفها وقدرها من قولهم: لفلان قدر، أي: شرف ومنزلة قاله الأزهري وغيره. وقيل: سميت بذلك لأن للطاعة قدراً عظيماً وثواباً جزيلاً. وقيل: لأنه أنزل فيها كتاباً ذا قدر على رسول ذي قدر، ومعنى أنّ الله تعالى يقدر الآجال: أنه يظهر ذلك لملائكته ويأمرهم بفعل ما هو من سعتهم بأن يكتب لهم ما قدّره في تلك السنة، ويعرّفهم إياه، وليس المراد أنه يحدث في تلك الليلة لأن الله تعالى قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض في الأزل قيل: للحسين بن الفضل: أليس قد قدر الله تعالى المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض، قال نعم، قيل له: فما معنى ليلة القدر، قال: سوق المقادير إلى المواقيت، وتنفيذ القضاء المقدّر.
(١٤/٢٢)
واختلفوا هل هي باقية أو لا؟ فقيل: إنها كانت مرّة ثم انقطعت، وقيل: إنها رفعت بعد النبي ﷺ والصحيح أنها باقية إلى يوم القيامة. وروي عن عبد الله بن محسن مولى معاوية قال: قلت لأبي بكر: زعموا أن ليلة القدر قد رفعت، قال: كذب من قال ذلك، قلت: هي في كل شهر رمضان أستقبله، قال: نعم. وعن سعيد بن المسيب أنه سئل عن ليلة القدر أهي شيء كان فذهب، أم هي في كل عام، فقال: بل هي لأمة محمد ﷺ ما بقي منهم اثنان، واستدل من قال برفعها بقوله ﷺ حين تلاحى الرجلان: «إني خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم» وهذا غفلة من هذا القائل ففي آخر الحديث «فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة» فلو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسها.
واختلفوا في وقتها فأكثر أهل العلم أنها مختصة برمضان، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن﴾ (البقرة: ١٨٥)
(١٤/٢٣)