﴿إنّ الذين كفروا﴾ أي: وقع منهم الستر لمرأى عقولهم بعد صرفها للنظر الصحيح فضلوا واستمروا على ذلك، وإن لم يكونوا عريقين فيه ﴿من أهل الكتاب﴾ أي: اليهود والنصارى ﴿والمشركين﴾ أي: العريقين في الشرك ﴿في نارجهنم﴾ أي: النار التي تلقاهم بالتجهم والعبوسة ﴿خالدين فيها﴾ أي: يوم القيامة، أو في الحال لسعيهم لموجباتها. واشتراك الفريقين في جنس العذاب لا يوجب التساوي في النوع، بل يختلف بحسب اشتداد الكفر وخفته ﴿أولئك﴾ أي: هؤلاء البعداء البغضاء ﴿هم﴾ أي: خاصة بما لضمائرهم من الخبث ﴿شر البرية﴾ أي: الخليقة الذين أهملوا إصلاح أنفسهم وفرّطوا في حوائجهم ومآربهم، وهذا يحتمل أن يكون على التعميم، وأن يكون بالنسبة لعصر النبيّ ﷺ لقوله تعالى: ﴿وأني فضلتكم على العالمين﴾ (البقرة: ٤٧)
أي: عالمي زمانهم، ولا يبعد أن يكون في كفار الأمم قبل من هو شرّ منهم، مثل فرعون وعاقر ناقة صالح.
ولما ذكر تعالى الأعداء وبدأ بهم لأنّ ذلك أردع لهم أتبعه الأولياء فقال تعالى مؤكداً ما للكفار من الإنكار:
﴿إنّ الذين آمنوا﴾ أي: أقروا بالإيمان ﴿وعملوا﴾ تصديقاً لإيمانهم ﴿الصالحات﴾ أي: هذا النوع ﴿أولئك﴾ أي: هؤلاء العالو الدرجات ﴿هم﴾ أي: خاصة ﴿خير البرية﴾ أي: على التعميم، أو برية عصرهم يأتي فيه ما مرّ. وقرأ نافع وابن ذكوان بالهمز في الحرفين لأنه من قولهم برأ الله الخلق، والباقون بالياء المشدّدة بعد الراء كالذرية ترك همزه في الاستعمال. ثم ذكر ثوابهم بقوله تعالى:{{
(١٤/٣٧)


الصفحة التالية
Icon