وسورة لم يكن على قصرها حاوية إجمالاً لكل ما في النحل على طولها وزيادة، وفيها التحذير من الشك بعد البيان، وتقبيح حال من فعل ذلك وأنّ حاله يكون كحال الكفرة من أهل الكتاب في العناد فيكون شر البرية فقرأها ﷺ تذكيراً له بذلك كله على وجه أبلغ وأخصر ليكون أسرع له تصوّراً، فيكون أرسخ في النفس، وأثبت في القلب، وأعشق للطبع، فاختصه الله بالتثبيت، وأراد له الثبات فكان من المريدين المرادين لما وصل إلى قلبه بركة ضربة النبيّ ﷺ لصدره، وصار كلما قرأ هذه السورة الجامعة غائباً عن تلاوة نفسه مصغياً بإذن قلبه إلى روح النبوّة يتلو عليه ذلك فيدوم له حال الشهود الذي وصل إليه بسر تلك الضربة، ولثبوته في هذا المقام قال ﷺ «اقرؤكم أُبيّ». قال القرطبي: وفيه من الفقه قراءة العالم على المتعلم. وقال بعضهم: إنما قرأ النبيّ ﷺ على أبيّ ليعلم الناس التواضع، لئلا يأنف أحد من التعلم والقراءة على دونه في المنزلة. وقيل: إنّ أبياً كان أسرع أخذاً لألفاظ رسول الله ﷺ فأراد بقراءته عليه أن يأخذ ألفاظه ويقرأ كما سمع رسول الله ﷺ يقرأ عليه ويعلم غيره وفيه فضيلة عظيمة لأبيّ؛ إذ أمر الله تعالى رسوله ﷺ أن يقرأ عليه. وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن رسول الله ﷺ «من قرأ سورة لم يكن كان يوم القيامة مع خير البرية مساء ومقيلاً». حديث موضوع.
سورة الزلزلة مدنية
في قول ابن عباس وقتادة ومكية في قول ابن مسعود وعطاء وجابر وهي ثمان آيات وخمس وثلاثون كلمة ومائة وتسع وأربعون حرفاً.
﴿بسم الله﴾ المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿الرحمن﴾ الذي عمّ الخلق بنعمته الظاهرة قسماً ﴿الرحيم﴾ الذي أتم النعمة على خواصه حقيقة عيناً واسماً.
(١٤/٤٠)


الصفحة التالية
Icon