وقوله تعالى: ﴿ألم تر﴾ استفهام تعجب، أي: أعجب ﴿كيف فعل ربك﴾ أي: المحسن إليك ﴿بأصحاب الفيل﴾ فهو خطاب للنبيّ ﷺ وهو وإن لم يشهد تلك الواقعة لكن شاهد آثارها وسمع بالتواتر أخبارها فكأنه رآها، وإنما قال تعالى: كيف لأن المراد ذكر ما فيها من وجوه الدلالة على كمال علم الله وقدرته وعزة بيته، وشرف رسوله ﷺ وكانت قصة الفيل ما روي أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس، وأراد أن يصرف إليها الحاج، وكتب إلى النجاشي إني قد بنيت لك بصنعاء كنيسة لم يبن لملك مثلها، ولست منتهياً حتى أصرف إليها حج العرب فسمع بذلك رجل من بني مالك بن كنانة، فخرج إليها فدخلها ليلاً فقعد فيها ولطخ بالعذرة قبلتها، فبلغ ذلك أبرهة فقال: من أجترأ علييّ فقيل: صنع ذلك رجل من العرب من أهل ذلك البيت سمع الذي قلت، فحلف أبرهة عند ذلك ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها فكتب إلى النجاشي يخبره بذلك، وسأله أن يبعث إليه بفيله، وكان له فيل يقال له محمود، وكان فيلاً لم ير مثله عظماً وجسماً وقوّة فبعث به إليه فخرج أبرهة في الحبشة سائراً إلى مكة، وخرج معه بالفيل واثنى عشر فيلاً غيره، وقيل: ثمانية عشر، وقيل: كان معه ألف فيل.
(١٤/٦٩)


الصفحة التالية
Icon