وعن جابر بن عبد الله أنه بكى ذات يوم، فقيل له في ذلك فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «دخل الناس في دين الله أفواجاً وسيخرجون منه أفواجاً». وقال عكرمة ومقاتل: أراد بالناس أهل اليمن وذلك أنه ورد من اليمن سبعمائة إنسان مؤمنين طائعين بعضهم يؤذنون، وبعضهم يقرؤون القرآن، وبعضهم يهللون فسر النبيّ ﷺ بذلك. قال أبو هريرة لما نزلت قال رسول الله ﷺ «الله أكبر جاء نصر الله والفتح، وجاء أهل اليمن قوم رقيقة قلوبهم الإيمان يمان، والفقه يمان والحكمة يمانية» وقال: «أجد نفس ربكم من قبل اليمن» وفي هذا تأويلات:
أحدها: أنه الفرج لتتابع إسلامهم أفواجاً.
الثاني: أنّ الله تعالى نفس الكرب عن نبيه ﷺ بأهل اليمن وهم الأنصار. وعن الحسن لما فتح رسول الله ﷺ مكة أقبلت العرب بعضها على بعض، فقالوا: أمّا إذ ظفر بأهل الحرم فليس به يدان، وقد كان الله أجارهم من أصحاب الفيل ومن كل من أرادهم فكانوا يدخلون في الإسلام أفواجاً من غير قتال أمّة بعد أمّة. قال الضحاك: والأمة أربعون رجلاً.
تنبيه: دين الله تعالى هو الإسلام لقوله تعالى: ﴿إنّ الدين عند الله الإسلام﴾ (آل عمران: ١٩)
وقال تعالى: ﴿ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه﴾ (آل عمران: ٨٥)
وإضافة الدين إلى الاسم الدال على الإلهية إشارة على أنه يجب أن يعبد لكونه إلهاً وللدّين أسماء أخر منها الصراط قال تعالى: ﴿صراط الله﴾ (الشورى: ٥٣)
ومنها النور ﴿يريدون ليطفئوا نور الله﴾ (التوبة: ٣٢)
ومنها الهدى قال تعالى: ﴿هدى الله يهدي به من يشاء﴾ (الأنعام: ٨٨)
ومنها العروة الوثقى قال تعالى: ﴿ومن يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى﴾ (البقرة: ٢٥٦)
ومنها الحبل المتين قال تعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله﴾ (آل عمران: ١٠٣)
ومنها صبغة الله، ومنها فطرة الله.
(١٤/١٠٠)