وقيل: المراد باليدين دينه ودنياه، أو أولاه وعقباه، أو المراد بأحدهما جرّ المنفعة وبالأخرى دفع المضرّة، أو لأنّ اليمين سلاح واليسرى جنة. وأبو لهب هو ابن عبد المطلب عمّ النبيّ ﷺ واسمه عبد العزى. فإن قيل:: لماذا كني بذلك ولم يكن له ولد اسمه لهب، وأيضاً فالتكنية من باب التعظيم؟ أجيب: عن الأوّل بأنّ الكنية قد تكون اسماً كما سمي أبو سفيان وأبو طالب ونحو ذلك، فإنّ هؤلاء أسماؤهم كناهم، أو لتلهب وجنتيه وكان مشرق الوجه أحمره؟ وأجيب عن الثاني بوجوه: أحدها: أنه لما كان اسماً خرج عن إفادة التعظيم، ثانيها: أن اسمه، كان عبد العزى كما مرّ فعدل عنه إلى كنيته لقبح اسمه لأنّ الله تعالى لم يضف العبودية في كتابه إلى صنم. ثالثها: أنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب، وافقت حاله كنيته فكان جديراً بأن يذكر بها، كقولهم: أبو الخير وأبو الشر لصدورهما منه، أو لأنّ الكنية كانت أغلب من الاسم، أو لأنها أنقص منه، ولذلك ذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسمائهم دون كناهم.
وقال الزمخشري: فإن قلت: لما كناه والكنية تكرمة، ثم ذكر ثلاثة أجوبة إمّا لشهرته بكنيته، وإمّا لقبح اسمه كما تقدّم، وإمّا لأنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب وافقت حالته كنيته اه. وهذا يقتضي أنّ الكنية أشرف من اللقب لا أنقص وهو عكس قول تقدّم. وقرأ ابن كثير بإسكان الهاء، والباقون بفتحها وهما لغتان بمعنى نحو: النهر والنهر
وقوله تعالى: ﴿وتب﴾ خبر كما يقال: أهلكه الله وقد هلك، فالأول: أخرج مخرج الدعاء عليه، والثاني: أخرج مخرج الخبر فحقق به ما أريد من الإسناد إلى اليدين من الكناية عن الهلاك الذي لا بقاء بعده، وقيل: المراد ماله وملكه كما يقال فلان قليل ذات اليد يعنون به المال، وبالثاني نفسه.
(١٤/١٠٩)


الصفحة التالية
Icon