﴿وامرأته﴾ وهو عطف على ضمير يصلى سوغه الفصل بالمفعول وصفته، وهي أمّ جميل وهي أخت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، مثل زوجها في التباب والصليّ من غير أن يغني عنها شيء من مال ولا حسب ولا نسب، وعدل عن ذكرها لأنّ صفتها القباحة وهي ضدّ كنيتها. قال البقاعي: ومن هنا يؤخذ كراهة التلقيب بناصر الدين ونحوها لمن ليس متصفاً بما دل عليه لقبه. وقوله تعالى: ﴿حمالة الحطب﴾ فيه وجهان:
أحدهما: هو حقيقة. قال قتادة: وكانت تعير النبيّ ﷺ بالفقر، ثم كانت مع كثرة مالها تحمل الحطب على ظهرها لشدّة بخلها فعيرت بالبخل، وقال ابن زيد: كانت تحمل العضاه والشوك تلقيه في الليل في طريق النبيّ ﷺ وأصحابه فكان النبيّ ﷺ يطؤه كما يطأ الحرير، وقال برّة الهمداني: كانت أمّ جميل تأتي في كل يوم بإبالة من الحسك فتطرحها في طريق المسلمين فبينما هي ذات ليلة حاملة حزمة عييت فقعدت على حجر تستريح فجذبها الملك من خلفها فأهلكها.
الوجه الثاني: أنّ ذلك مجاز عن المشي بالتسمية ورمي الفتن بين الناس، ويقال للمشاء بين الناس بالنمائم المفسد بين الناس يحمل الحطب منهم، أي: يوقد بينهم ويثير الشر قال الشاعر:

*من البيض لم تصطد على ظهر لأمة ولم تمش بين الناس بالحطب الرطب*
جعله رطباً ليدلّ على التدخين الذي هو زيادة في الشرّ. وقال سعيد بن جبير: حمالة الخطايا والذنوب من قولهم: فلان يحتطب على ظهره قال تعالى: ﴿يحملون أوزارهم على ظهورهم﴾ (الأنعام: ٣١)
وقرأ عاصم بنصب التاء من حمالة على الشتم، قال الزمخشري: وأنا أستحب هذه القراءة، وقد توسل إلى رسول الله ﷺ من أحب شتم أمّ جميل اه. والباقون برفعها على أنها صفة امرأته فإنها مرفوعة باتفاق إما بالعطف على الضمير في سيصلى كما مرّ، ويكون قوله تعالى:
(١٤/١١١)


الصفحة التالية
Icon