تنبيه: هو ضمير الشأن وهو مبتدأ وخبره الله، وأحد بدل أو خبر ثان يدل على مجامع صفات الجلال كما دل الله تعالى على جميع صفات الكمال؛ إذ الواحد الحقيقي ما يكون منزه الذات عن التركيب والتعدّد وما يستلزم أحدهما كالجسيمة والتحيز والمشاركة في الحقيقة، وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامّة المقضية للألوهية. فائدة: جاء في الواحد عن العرب لغات كثيرة، يقال: واحد وأحد ووحد ووحيد ووحاد وأحاد وموحد وأوحد، وهذا كله راجع إلى معنى الواحد، وإن كان في ذلك معان لطيفة ولم يجيء في صفات الله تعالى إلا الواحد والأحد.
وقوله تعالى: ﴿الله﴾، أي: الذي ثبتت إلهيته وأحديته لا غيره مبتدأ خبره ﴿الصمد﴾ وأخلى هذه الجملة عن العاطف لأنها كالنتيجة للأولى، أو الدليل عليها. والصمد: السيد المصمود إليه في الحوائج، والمعنى: هو الله الذي تعرفونه وتقرّون بأنه خالق السموات والأرض وخالقكم، وهو واحد متوحد بالإلوهية ولا يشارك فيها وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق لا يستغنون عنه، وهو الغني عنهم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الصمد هو الذي لا جوف له، وقال الشعبي: هو الذي لا يأكل ولا يشرب، وقال الربيع: هو الذي لا تعتريه الآفات، وقال مقاتل بن حبان: هو الذي لاعيب فيه، وقال قتادة: هو الباقي بعد فناء خلقه، وقال سعيد بن جبير: هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله، وقال السدّي: هو المقصود إليه في الرغائب المستغاث به عند المصائب. تقول العرب: صمدت فلاناً أصمده صمداً بسكون الميم إذا قصدته.
(١٤/١١٥)


الصفحة التالية
Icon