وعن مقاتل والكلبي: كان ذلك في وتر عقد عليه إحدى عشرة عقدة، وقيل: كانت مغروزة بالإبرة فأنزل الله هاتين السورتين، وهما إحدى عشر آية سورة الفلق خمس آيات وسورة الناس ست آيات كلما قرأ آية انحلت عقدة، حتى انحلت العقد كلها فقام ﷺ كأنما نشط من عقال. وروي: أنه لبث فيه ستة أشهر اشتدّ عليه بثلاث ليال فنزلت المعوّذتان، وروي: أنه كان يخيل له أنه يطأ زوجاته، وليس بواطىء قال سفيان: وهذا أشدّ ما يكون من السحر.
وعن أبي سعيد الخدري: «أنّ جبريل عليه السلام أتى النبيّ ﷺ فقال: يا محمد، اشتكيت، قال: نعم، قال: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شرّ كل نفس أو عين حاسد، والله يشفيك بسم الله أرقيك».
فإن قيل: المستعاذ منه هل هو بقضاء الله وقدره، أو لا فإن كان بقضاء الله وقدره فكيف أمر بالاستعاذة مع أن ما قدر لا بدّ واقع؟ وإن لم يكن بقضاء الله وقدره فذلك قدح في القدرة؟ أجيب: بأنّ كل ما وقع في الوجود فهو بقضاء الله وقدره، والاستشفاء بالتعوّذ والرقي من قضاء الله يدل على صحة ذلك ما روى الترمذي عن أبي خزامة عن أبيه قال: «سألت رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله، أرأيت رقى نسترقي بها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها هل يردّ من قضاء الله شيئاً؟ قال: هو من قدر الله». قال الترمذي: هذا حديث حسن. وعن عمر: نفرّ من قدر الله إلى قدر الله، ومعنى أعوذ: أستجير وأعتصم وأحترز، والفلق: الصبح في قول الأكثرين، ومنه قوله تعالى: ﴿فالق الإصباح﴾ (الأنعام: ٩٦)
(١٤/١٢١)


الصفحة التالية
Icon