الورثة، وقيل: أمر وجوب.
(٢/١٨٣)
واختلف العلماء في حكم هذه الآية فقال قوم: هي منسوخة بآية المواريث كالوصية، وعن سعيد بن جبير: إنّ ناساً يقولون: نسخت والله ما نسخت ولكنها مما تهاون بها الناس ﴿وقولوا لهم قولاً معروفاً﴾ وهو أن يدعوا لهم ويستقلوا ما أعطوهم ولا يمنوا عليهم. وعن الحسن والنخعي: أدركنا الناس وهم يقسمون على القرابات والمساكين واليتامى من العين يعنيان الذهب والورق فإذا قسم الذهب والورق وصارت القسمة إلى الأقربين والرقيق وما أشبه ذلك قالوا لهم قولاً معروفاً كأن يقولون: بورك فيكم.
﴿وليخش﴾ أي: وليخف على اليتامى ﴿الذين لو تركوا﴾ أي: قاربوا أن يتركوا ﴿من خلفهم﴾ أي: بعد موتهم ﴿ذرّية ضعافاً﴾ أي: أولاداً صغاراً ﴿خافوا عليهم﴾ أي: الضياع ﴿فليتقوا الله﴾ في أمر اليتامى وغيرهم، وليأتوا إليهم ما يحبون أن يفعل بذريتهم من بعدهم ﴿وليقولوا﴾ أي: للمريض ﴿قولاً سديداً﴾ أي: عدلاً وصواباً بأن يأمروه أن يتصدّق بدون ثلثه، ويترك الباقي لورثته، ولا يتركهم عالة، وذلك أنه كان إذا حضر أحدهم الموت يقول له من بحضرته: انظر لنفسك فإنّ أولادك وورثتك لا يغنون عنك شيئاً قدّم لنفسك أعتق وتصدّق وأعط فلاناً كذا وفلاناً كذا حتى يأتي على عامة ماله، فنهاهم الله عز وجل وأمرهم أن يأمروه أن ينظر لولده، ولا يزيد في وصيته على الثلث، ولا يجحف بورثته.
﴿إنّ الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً﴾ أي: بغير حق ﴿إنما يأكلون في بطونهم ناراً﴾ أي: ملء بطونهم يقال: أكل فلان في بطنه، وفي بعض بطنه. قال الشاعر:
*كلوا في بعض بطنكم تعفوا*
ومعنى يأكلون ناراً يأكلون ما يجرّ إلى النار، فكأنه نار في الحقيقة.
روي «أنه يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة والدخان يخرج من قبره ومن فيه وأنفه وأذنيه وعينيه فيعرف الناس أنه كان يأكل مال اليتيم في الدنيا».
(٢/١٨٤)


الصفحة التالية
Icon