ثم نسخ ذلك كله بالآية الكريمة، واختلف في سبب نزولها، فعن جابر أنه قال: «جاء رسول الله ﷺ يعودني وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصب عليّ من وضوئه فعقلت فقلت: يا رسول الله لمن الميراث إنما يرثني كلالة» فنزلت، وقال مقاتل والكلبي: نزلت في أمّ كحة امرأة أوس بن ثابت وبناته. وقال عطاء: استشهد سعد بن الربيع النقيب يوم أحد، وترك امرأة وبنتين وأخاً، فأخذ الأخ المال، فأتت امرأة سعد إلى النبيّ ﷺ بابنتي سعد فقالت: يا رسول الله إنّ هاتين ابنتا سعد وإن سعداً قتل يوم أحد شهيداً وإن عمهما أخذ مالهما، ولا ينكحان إلا ولهما مال فقال ﷺ «ارجعي فلعل الله سيقضي في ذلك» فنزلت، فدعا رسول الله ﷺ عمهما وقال: «أعط ابنتي سعد الثلثين وأمّهما الثمن وما بقي فهو لك» فهذا أوّل ميراث قسم في الإسلام، وكأنه قيل: كفى الذكور أن ضوعف لهم نصيب الإناث، ولا يضارون في حظهنّ حتى يحرمن مع إدلائهنّ مع القرابة مثل ما يدلون به.
فإن قيل: حظ الأنثيين الثلثان فكأنه قيل للذكر الثلثان؟ أجيب: بأنّ المراد حالة الاجتماع كما مرّ أما في حالة الانفراد فالابن يأخذ المال كله، والبنتان يأخذان الثلثين والدليل على أنّ الغرض حكم الاجتماع أنه اتبعه حكم الانفراد بقوله تعالى: ﴿فإن كنّ﴾ أي: إن كان الأولاد ﴿نساء﴾ خلصاً ليس معهنّ ذكر، وأنث الضمير باعتبار الخبر أو على تأويل المولودات وقوله تعالى: ﴿فوق اثنتين﴾ خبر ثان أو صفة لنساء أي: نساء زائدات على اثنتين.
(٢/١٨٦)


الصفحة التالية
Icon