*فلو شئت أن أبكي دماً لبكيته عليك ولكن ساحة الصبر أوسع*
وأتى فيه بالمفعول لأنّ بكاء الدم مستغرب ونصب دماً لتضمنه معنى الصب ولو من حروف الشرط، قال البيضاوي: وظاهرها الدلالة على انتفاء الأوّل لانتفاء الثاني ضرورة انتفاء الملزوم عند انتفاء لازمه. اه. وهذا مذهب ابن الحاجب، وأمّا مذهب الجمهور وهو الأصح فإنها في الأصل لانتفاء الثاني لانتفاء الأوّل، فمعنى لو جئتني أكرمتك أن انتفاء الاكرام لانتفاء المجيء، وقيل: إنها لمجرّد الربط كان ومن ثم قال التفتازاني أنّ لو هنا لمجرّد الشرط بمنزلة أن لا بمعناها الأصلي وفائدة هذه الجملة الشرطية إبداء المانع لذهاب سمعهم وأبصارهم مع قيام ما يقتضيه وهو أنه تعالى أمهل المنافقين فيما هم فيه ليتمادوا في الغيّ والفساد ليكون عذابهم أشدّ وللتنبيه على أنّ تأثير الأسباب في مسبباتها مشروط بمشيئة الله تعالى وأنّ وجودها مرتبط بأسبابها واقع بقدرته تعالى، وقوله تعالى: ﴿إن الله على كل شيء﴾ أي: يشاؤه، ﴿قدير﴾ كالتصريح بما ذكر والتقرير له والشيء يختص بالموجود فلا يطلق على المعدوم.
(١/٦٤)


الصفحة التالية
Icon