وهي عند الأكثرين لأقل مدّة الحمل وأكثر مدّة الرضاع وأقل مدّة الحمل ستة أشهر وابتداء الحولين من تمام انفصاله. والشرط الثاني: أن توجد خمس رضعات متفرّقات، لما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخت بخمس معلومات فتوفي رسول الله ﷺ وهي فيما يقرأ من القرآن أي: يقرؤهنّ من لم يبلغه نسخهنّ فقد نسخت تلاوتهنّ وبقي حكمهنّ، وهذا ما ذهب إليه الشافعي، وذهب أكثر أهل العلم إلى أن قليل الرضاع وكثيره محرم، وهو قول ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب، وإليه ذهب سفيان الثوري ومالك والأوزاعي وعبد الله بن المبارك وأبو حنيفة، ويقوي الأوّل قوله ﷺ «لا تحرم المصة من الرضاع والمصتان».
ثم ثلث بالسبب الثالث وهو النكاح فقال تعالى: ﴿وأمّهات نسائكم﴾ أي: بواسطة أو بغيرها من نسب أو رضاع سواء أدخل بزوجته أم لا لإطلاق الآية ﴿وربائبكم﴾ جمع ربيبة وهي بنت الزوجة من غيره وسميت ربيبة؛ لأنه يربيها كما يربي ولده في غالب الأمر، ثم اتسع فيه وسميت بذلك وإن لم يربها وقوله تعالى: ﴿اللاتي في حجوركم﴾ أي: تربونها صفة موافقة للغالب فلا مفهوم لها ﴿من نسائكم اللاتي دخلتم بهنّ﴾ أي: جامعتموهنّ سواء أكان ذلك بعقد صحيح أم فاسد لإطلاق الآية ﴿فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم﴾ أي: في نكاح بناتهنّ إذا فارقتموهنّ.
فإن قيل: لم أعيد الوصف إلى الجملة الثانية ولم يعد إلى الجملة الأولى ﴿وهي وأمّهات نسائكم﴾ مع أنّ الصفات عقب الجمل تعود إلى الجميع؟ أجيب: بأنّ نساءكم الثاني مجرور بحرف الجرّ، ونساءكم الأول مجرور بالإضافة، وإذا اختلف العامل لم يجز الإتباع وتعين القطع واعترض بأنّ المعمول الجرّ وهو واحد.
(٢/٢٠٧)