وفي هذا دليل على أن التيمم لا يرفع الحدث؛ لأنه غياه بقوله: (حتى تغتسلوا) ومن فسر الصلاة بمواضعها فسر عابري سبيل بالمجتازين فيها وجوّز للجنب عبور المسجد، وبه قال الشافعيّ رضي الله تعالى عنه، وقال أبو حنيفة: لا يجوز له المرور إلا إذا كان فيه الماء أو الطريق إلى الماء ﴿وإن كنتم مرضى﴾ أي: مرضاً يخاف معه من استعمال الماء فإنّ الواجد كالفاقد ﴿أو على سفر﴾ أي مسافرين وأنتم جنب أو محدثون ﴿أو جاء أحد منكم من الغائط﴾ أي: أحدثتم بخروج الخارج من أحد السبيلين، والغائط المكان المطمئن من الأرض تقضي فيه الحاجة سمي باسمه الخارج للمجاورة ﴿أو لامستم النساء﴾، قرأ حمزة والكسائيّ بغير ألف بين اللام والميم والباقون بألف، واختلف في معنى اللمس والملامسة فقال قوم: هما التقاء البشرتين سواء أكان بجماع أم بغيره، وهو قول ابن مسعود وابن عمر والشعبي والنخعي وبه استدلّ الشافعيّ رضي الله تعالى عنه أنّ اللمس ينقض الوضوء، وقال قوم: هما المجامعة وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة كني باللمس عن الجماع؛ لأنّ باللمس يوصل إلى الجماع ﴿فلم تجدوا ماء﴾ تطهرون به للصلاة بعد الطلب؛ لأنه لا يسمى غير واجد إلا بعد الطلب وهذا راجع إلى ما عدا المرض ﴿فتيمموا﴾ أي: بعد دخول الوقت ﴿صعيداً طيباً﴾ أي: تراباً طاهراً أي: طهوراً أمّا المرضى فيتيممون مع حضور الماء؛ لأنّ وجوده بالنسبة إليهم كالعدم ﴿فامسحوا بوجوهكم وأيديكم﴾ مع المرفقين منه بضربتين كما ثبت في الحديث وقال الزجاج: الصعيد وجه الأرض تراباً كان أو غيره وإن كان صخراً لا تراب عليه لو ضرب المتيمم يده عليه ومسح لكان ذلك طهوره، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة رحمه الله تعالى وأجاب عن قوله تعالى في آية المائدة: ﴿فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه﴾ أي: بعضه وهو لا يتأتى في الصخر الذي لا تراب عليه بأنّ من لابتداء الغاية، قال الزمخشريّ: وقولهم: إنها لابتداء الغاية فيه تعسف ولا يفهم أحد من العرب من