﴿يأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله﴾ جمع شعيرة: وهي اسم ما أشعر أي: جعل شعاراً وعلماً للنسك من مواقف الحج ومرامي الجمار والمطاف والمسعى والأفعال التي هي علامات الحاج، يعرف بها من الإحرام والطواف والسعي والحلق والنحر، وقيل: معالم دينه، وقيل: فرائضه التي حدّها لعباده ﴿ولا﴾ تحلوا ﴿الشهر الحرام﴾ أي: بالقتال فيه قال تعالى: ﴿إنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم﴾ (التوبة، ٣٦) وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، فيجوز أن يكون ذلك إشارة إلى جميع هذه الأشهر كما يطلق اسم الواحد على الجنس لأنّ الأشهر كلها في الحرمة سواء، ولكن قال الزمخشريّ: والشهر الحرام شهر الحج ﴿ولا﴾ تحلوا ﴿الهدى﴾ أي: بالتعرّض له وهو ما أهدى إلى الحرم من النعم ﴿ولا﴾ تحلوا ﴿القلائد﴾ أي: صاحب القلائد من الهدى، وعبر بها مبالغة في تحريمها أو القلائد أنفسها، والنهي عن إحلالها مبالغة في النهي عن التعرّض للهدى، والقلائد جمع قلادة وهي ما قلّد به الهدى من نعل أو غيره ليعلم به أنه هدى فلا يتعرّض له ﴿ولا﴾ تحلوا ﴿آمّين﴾ أي: قاصدين ﴿البيت الحرام﴾ لزيارته أي: بأن تقاتلوهم.
(١٥/٣)
﴿يبتغون فضلاً من ربهم﴾ وهو الثواب ﴿ورضواناً﴾ أي: وأن يرضى عنهم والجملة في موضع الحال من المستكن في آمين، أي: لا تتعرضوا لقومٍ هذه صفتهم تعظيماً لهم واستنكاراً أن يتعرّض لمثلهم، وقيل: معناه يبتغون من الله رزقاً بالتجارة ورضواناً بزعمهم لأنهم كانوا يظنون ذلك فوصفوا به بناء على ظنهم ولأنّ الكافر لا نصيب له في الرضوان كقوله تعالى: ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم﴾ (الدخان، ٤٩) قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان المسلمون والمشركون يحجون جميعاً فنهى الله تعالى المسلمين أن يمنعوا أحداً عن حج البيت بقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon