تنبيه: الفصل بين الأيدي والأرجل المغسولة بالرأس الممسوح فيه دليل على وجوب الترتيب في طهارة هذه الأعضاء وعليه الشافعيّ رضي الله تعالى عنه ولو قطع بعض القدم وجب غسل الباقي وإن قطع فوق الكعب فلا فرض عليه، وندب غسل الباقي كما مرّ في اليد ويؤخذ من السنة وجوب النية فيه كغيره من العبادات.
﴿وإن كنتم جنباً﴾ من جماع وغيره ﴿فاطهروا﴾ أي: بالغسل لجميع البدن؛ لأنه أطلق ولم يخص الأعضاء كما في الوضوء ﴿وإن كنتم مرضى﴾ أي: مرضاً يضره الماء ﴿أو على سفر﴾ أي: مسافرين سفراً مباحاً طويلاً أو قصيراً ﴿أو جاء أحد منكم من الغائط﴾ أي: الموضع المطمئن من الأرض الذي يقضي فيه حاجته الإنسان التي لا بد منها سمي باسمه الخارج للمجاورة. قيل: وفي ذلك حكمة وهي شدة عجز الإنسان ليكف عن إعجابه وكبره وترفعه وفخره كما حكي أنّ بعض الأمراء لقي بعض البله فلم يفسح له فغضب وقال: كأنك لم تعرفني فقال: بلى والله إني لأعرفك أوّلك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة، وقرأ قالون والبزي وأبو عمرو بإسقاط الهمزة الأولى مع المدّ والقصر وسهل ورش وقنبل الهمزة الثانية وحقق الباقون الهمزتين معاً.
﴿أو لامستم النساء﴾ بالذكر أو غيره أمنيتم أم لا وقرأ حمزة والكسائي بغير ألف بين اللام والميم والباقون بالألف ﴿فلم تجدوا ماء﴾ بعد طلبه لفقده حساً أو معنى بالعجز عن استعماله للمرض بجرح أو غيره ﴿فتيمّموا﴾ أي: اقصدوا ﴿صعيداً﴾ أي: تراباً ﴿طيباً﴾ أي: طهوراً خالصاً ﴿فامسحوا بوجوهكم وأيديكم﴾ مع المرفقين ﴿منه﴾ بضربتين والباء للإلصاق وبينت السنة أنّ المراد استيعاب العضوين بالمسح وتقدّم مثل هذه الآية في النساء في البيضاوي، ولعل تكريره ليتصل الكلام في بيان أنواع الطهارة.
(١٥/٢١)


الصفحة التالية
Icon