قال تعالى: ﴿فبما﴾ ما مزيدة للتأكيد ﴿نقضهم ميثاقهم لعنّاهم﴾ قال عطاء: أبعدناهم من رحمتنا، وقال الحسن ومقاتل: مسخناهم قردة وخنازير وقال ابن عباس: ضربنا الجزية عليهم ﴿وجعلنا قلوبهم قاسية﴾ أي: لا تلين لقبول الإيمان وقرأ حمزة والكسائي بغير ألف بعد القاف وتشديد الياء بمعنى رديئة من قولهم درهم قسي إذا كان مغشوشاً وهو أيضاً من القسوة فإنّ المغشوش فيه يبس وصلابة والباقون بألف بعد القاف وتخفيف الياء وقوله تعالى: ﴿يحرّفون الكلم عن مواضعه﴾ استئناف لبيان قسوة قلوبهم فإنه لا قسوة أشد من تغيير كلام الله تعالى والافتراء عليه ﴿ونسوا حظاً﴾ أي: نصيباً نافعاً ﴿مما ذكروا به﴾ أي: من التوراة على أنبيائهم عيسى ومن قبله عليهم الصلاة والسلام تركوه ترك الناسي للشيء لقلة مبالاتهم به بحيث لم يكن لهم رجوع إليه وقيل معناه: إنهم حرّفوها فزلّت لشؤمهم أشياء منها عن حفظهم وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: ينسى المرء بعض العلم بالمعصية وتلا هذه الآية وقيل: تركوا نصيب أنفسهم مما أمروا به من الإيمان بمحمد ﷺ وبيان نعته ﴿ولا تزال﴾ أي: بما نطلعك عليه يا أكرم الخلق فهو خطاب للنبيّ ﷺ ﴿تطلع﴾ أي: تظهر ﴿على خائنة﴾ أي: خيانة ﴿منهم﴾ بنقض العهد وغيره لأنّ ذلك من عادتهم وعادة أسلافهم لا تزال ترى ذلك منهم ﴿إلا قليلاً منهم﴾ لم يخونوا وهم الذين آمنوا منهم ﴿فاعف عنهم﴾ أي: امح ذنبهم ذلك ﴿واصفح﴾ أي: أعرض عن ذلك أصلاً ورأساً إن تابوا وآمنوا وعاهدوا والتزموا الجزية وقيل: مطلق ونسخ بآية السيف وقوله تعالى: ﴿إنّ الله يحب المسحنين﴾ تعليل للأمر بالصفح وحث عليه وتنبيه على أنّ العفو عن الكافر الخائن إحسان فضلاً عن العفو عن غيره.
روى الشيخان وغيرهما عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنّ النبيّ ﷺ سحره رجل من اليهود يقال له لبيد بن الأعصم.
(١٥/٣١)