﴿قالوا يا موسى إنّ فيها قوماً جبارين﴾ أي: عتاة قاهرين لغيرهم مكرهين لغيرهم على ما يريدون ﴿وإنّا لن ندخلها﴾ خوفاً منهم ﴿حتى يخرجوا منها﴾ أي: بأيّ وجه كان ﴿فإن يخرجوا منها فإنا داخلون﴾ لها وأصل الجبّار المتعظم الممتنع عن القهر يقال: نخلة جبارة إذا كانت طويلة ممتنعة عن وصول الأيدي إليها وسمّي هؤلاء القوم جبارين لامتناعهم بطولهم وقوّة أجسادهم، وكانوا من العمالقة وبقية قوم عاد فلما قال بنو إسرائيل ما قالوا وهموا بالانصراف إلى مصر خرّ موسى وهارون عليهما السلام ساجدين وخرق يوشع وكالب ثيابهما وهما اللذان أخبر الله تعالى عنهما في قوله:
﴿قال رجلان من الذين يخافون﴾ أي: مخالفة أمر الله تعالى ﴿أنعم الله عليهما﴾ أي: بالتوفيق والعصمة ﴿ادخلوا عليهم الباب﴾ أي: باب قرية الجبّارين ولا تخشوهم فإنا رأيناهم وأجسادهم عظيمة بلا قلوب ﴿فإذا دخلتموه فإنكم غالبون﴾ أي: لأنّ الله تعالى منجز وعده ﴿وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين﴾ به ومصدّقين بوعده فأراد بنو إسرائيل أن يرجموهما بالحجارة وعصوا أمرهما.
(١٥/٤٣)
ثمّ ﴿قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً﴾ نفوا دخولهم على التأبيد والتأييد وقوله تعالى: ﴿ما داموا فيها﴾ بدل من أبداً بدل البعض ﴿فاذهب أنت وربك فقاتلا﴾ هم ﴿إنا ههنا قاعدون﴾ عن القتال لا القعود الذي هو ضدّ القيام قالوا ذلك استهانة بالله ورسوله وعدم مبالاة بهما وقيل: وربك أي: هارون لأنه أكبر منه وقيل: تقديره اذهب أنت وربك يعينك فلما سمع من قومه ذلك.
(١٥/٤٤)


الصفحة التالية
Icon