﴿قال﴾ تعالى: ﴿فإنها﴾ أي: الأرض المقدّسة ﴿محرّمة عليهم﴾ أن يدخلوها وقوله تعالى: ﴿أربعين سنة يتيهون﴾ أي: يتحيرون ﴿في الأرض﴾ اختلف في العامل في أربعين فقيل: محرمة فيكون التحريم مؤقتاً غير مؤبد فلا يخالف ظاهر قوله تعالى: ﴿التي كتب الله لكم﴾ (المائدة، ٢١) وقيل: هو يتيهون أي: يسيرون فيها متحيرين، قال الزجاج: والأوّل خطأ لأنه جاء في التفسير أنها محرمة عليهم أبداً فنصبها بيتيهون أي: فيكون التحريم مطلقاً قال البغويّ: لم يرد به تحريم تعبد وإنما أراد تحريم منع وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام: بي حلفت لأحرّمنّ عليهم دخول الأرض المقدسة غير عبدي يوشع وكالب ولأتيهنهم في هذه البريّة أربعين سنة مكان كل يوم من الأيام التي تجسسوا فيها سنة، ولألقين جيفهم في هذه القفار وأما بنوهم الذين لم يعملوا الشر فيدخلونها فلبثوا أربعين سنة في ستة فراسخ، وقيل: تسعة فراسخ قال ابن عباس: وهم ستمائة ألف مقاتل وكانوا يسيرون كلّ يوم جادّين فإذا أمسوا كانوا في الموضع الذي ارتحلوا عنه وكان الغمام يظلّهم من الشمس وعمود نور يطلع بالليل فيضيء لهم وكان طعامهم المنّ والسلوى وماؤهم من الحجر الذي يحملون فإذا ولد لأحدهم مولود كان عليه ثوب مثل الظفر في رأي العين يطول بطوله ويتسع بقدرة الله والله أعلم بما يحكى من ذلك.
(١٥/٤٦)