﴿إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله﴾ أي: يحاربون أولياءهما وهم المسلمون جعل محاربتهم محاربتهما تعظيماً ﴿ويسعون في الأرض فساداً﴾ أي: بقطع الطريق ﴿أن يقتلوا﴾ أي: إن قتلوا ﴿أو يصلبوا﴾ أي: مع ذلك إن قتلوا وأخذوا المال أي: والصلب ثلاثاً بعد القتل ﴿أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف﴾ أي: أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى إن اقتصروا على أخذ المال ﴿أو ينفوا من الأرض﴾ أي: إن أرعبوا ولم يأخذوا شيئاً أي: ينفوا من بلد إلى بلد إن رأى الإمام ذلك وإن رأى حبسهم فله ذلك ولو في بلدهم، هكذا فسر الآية ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فحمل كلمة أو على التنويع لا التخيير كما في قوله تعالى: ﴿وقالوا كونوا هوداً أو نصارى﴾ (البقرة، ١٣٥) أي: قالت اليهود: كونوا هوداً وقالت النصارى: كونوا نصارى إذ لم يخيّر أحد منهم بين اليهودية والنصرانية ﴿ذلك﴾ أي: الجزاء العظيم ﴿لهم خزي﴾ أي: ذل وإهانة ﴿في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم﴾ هو عذاب النار واحتج أكثر أهل العلم على أنّ هذه الآية نزلت في قطاع الطريق بقوله تعالى:
﴿إلا الذين تابوا﴾ أي: رجعوا عما كانوا عليه من المحاربة خوفاً من الله تعالى ﴿من قبل أن تقدروا عليهم﴾ أي: فإنّ حقوقه تعالى تسقط عنهم كالقطع والصلب وتحتم القتل ويبقى القصاص والمال لأنه حق آدمي لا يسقط بالتوبة ﴿فاعلموا أنّ الله غفور﴾ لهم ما أتوه ﴿رحيم﴾ بهم، ولو كانت نزلت في الكفار لكانت توبتهم بالإسلام وهو رافع للعقوبة قبل القدرة وبعدها.
﴿يأيها الذين آمنوا اتقوا الله﴾ أي: خافوا عقابه بأن تطيعوه ﴿وابتغوا إليه الوسيلة﴾ أي: اطلبوا ما تتوسلون به إلى ثوابه، والزلفى منه من فعل الطاعات وترك المعاصي من وسل إلى كذا إذا تقرّب إليه قال لبيد:
*أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم | ألا كلّ ذي لب إلى الله وَاسِلَ* |