﴿إنا أنزلنا التوراة فيها هدى﴾ يهدي من الضلالة إلى الحق ﴿ونور﴾ يكشف ما اشتبه عليهم من الأحكام ﴿يحكم بها النبيون﴾ أي: من بني إسرائيل وقوله تعالى: ﴿الذين أسلموا﴾ ذكر على وجه الصفة للأنبياء للتنويه بشأن الصفة دون التخصيص والتمييز؛ لأنهم كلهم بهذه الصفة منقادون لله تعالى وللتنبيه على عظم قدرها حيث وصف بها عظيم كما وصف الأنبياء بالصلاح والملائكة بالإيمان فإنّ أوصاف الأشراف أشراف الأوصاف وقوله تعالى: ﴿للذين هادوا﴾ متعلق بأنزل أو بيحكم أي: يحكمون بها في تحاكمهم وهو يدلّ على أنّ النبيين أنبياؤهم وقوله تعالى: ﴿والربَّانيون﴾ أي: الزهّاد الذين انسلخوا من الدنيا وبالغولوا فيما يوجب النسبة إلى الرّب ﴿والأحبار﴾ أي: العلماء السالكون طريقة أنبيائهم عطف على النبيون ﴿بما﴾ أي: بسبب الذي ﴿استحفظوا﴾ أي: استودعوه ﴿من كتاب الله﴾ أي: استحفظهم الله تعالى إياه بأن يحفظوه من التضييع والتحريف أو بأن يحفظ فلا ينسى وقد أخذ الله على العلماء حفظ كتاب الله من هذين الوجهين معاً: أحدهما: أن يحفظ في صدورهم ويدرسوه بألسنتهم والثاني: أن لا يضيعوا أحكامه ولا يهملوا شرائعه والراجع إلى ما محذوف، ومن للتبيين والضمير في استحفظوا للأنبياء والربانيين والأحبار جميعاً وكذلك الضمير في قوله تعالى: ﴿وكانوا عليه شهداء﴾ أي: رقباء حاضرين لا يغيبون عنه ولا يتركون مراعاته أصلاً وقوله تعالى: ﴿فلا تخشوا الناس واخشونِ﴾ نهي للحكام أن يخشوا غير الله تعالى في حكوماتهم خوفاً من سلطان ظالم أو خيفة أذية أحد من الأقرباء والأصدقاء، وقرأ أبو عمرو بإثبات الياء في الوصل دون الوقف والباقون بحذفها وصلاً ووقفاً ﴿ولا تشتروا﴾ أي: تستبدلوا ﴿بآياتي﴾ أي: بأحكامي التي أنزلتها ﴿ثمناً قليلاً﴾ أي: من الرشا وغيرها لتكتموا أو تبدلوها كما فعل أهل الكتاب وقوله تعالى: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ قال عكرمة: معناه ومن لم يحكم بما أنزل الله