﴿فمن تصدّق به﴾ أي: القصاص بأن مكن من نفسه ﴿فهو﴾ أي: التصدّق بالقصاص ﴿كفارة له﴾ أي: لما أتاه فلا يعاقب ثانياً في الآخرة وقيل: فمن تصدّق به من أصحاب الحق فالتصدُق به كفارة للمتصدِق يكفر الله تعالى به من سيآته ما تقتضيه الموازنة كسائر طاعاته، وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: تهدم عنه ذنوبه بقدر ما تصدق به. وقيل: فهو كفارة للجاني إذا تجاوز عنه صاحب الحق سقط عنه ما لزمه ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله﴾ أي: في القصاص وغيره ﴿فأولئك هم الظالمون﴾ أي: الذين تركوا العدل فضلّوا فصاروا كمن يمشي في الظلام فإن كان تديُّناً بالترك كان نهاية للظلم وهو الكفر وإلا كان عصياناً لأنّ الله تعالى أحق أن يخشى ويرجى.
(١٥/٧٠)
﴿وقفينا﴾ أي: أتبعنا ﴿على آثارهم﴾ أي: النبيّين الذين يحكمون بالتوراة ﴿بعيسى بن مريم﴾ ﷺ ونسبه تعالى إلى أمّه إشارة إلى أنّه لا والد له تكذيباً لليهود وإلى أنه عبد مربوب تكذيباً للنصارى ﴿مصدّقاً لما بين يديه﴾ أي: قبله مما أتى به موسى عليه السلام ﴿من التوراة﴾ وأشار تعالى بقوله: ﴿وآتيناه الإنجيل﴾ أي: أنزلناه عليه كما أنزلنا التوراة على موسى عليهما الصلاة والسلام إلى أنه ناسخ لكثير من أحكامها ﴿فيه هدى﴾ من الضلالة ﴿ونور﴾ أي: بيان للأحكام وقوله تعالى: ﴿ومصدّقاً﴾ أي: الإنجيل حال ﴿لما بين يديه﴾ أي: قبله.
ولما كان الذي نزل قبله كثيراً بين المراد بقوله: ﴿من التوراة﴾ أي: لما فيها من الأحكام فالأول: صفة لعيسى عليه الصلاة والسلام والثاني: صفة لكتابه أي: فهو والتوراة والإنجيل يتصادقون فكل من الكتابين يصدق الآخر وهو يصدقهما لم يتخالفوا في شيء بل هو متخلق بجميع ما أتى به ﴿وهدى وموعظة للمتقين﴾ أي: كل ما فيه يهتدون به ويتعظون فترق قلوبهم ويعتبرون به.