﴿فترى الذين في قلوبهم مرض﴾ أي: ضعف اعتقاد كعبد الله بن أبيّ ﴿يسارعون فيهم﴾ أي: في مولاتهم ﴿يقولون﴾ معتذرين عنها ﴿نخشى﴾ أي: نخاف خوفاً بالغاً ﴿أن تصيبنا دائرة﴾ أي: مصيبة تحيط بنا ويدور بها الدهر علينا من جدب أو غلبة ولا يتم أمر محمد فلا يميرونا ﴿فعسى الله أن يأتي بالفتح﴾ أي: بإظهار الدّين على الأعداء ﴿أو أمر من عنده﴾ أي: بهتك ستر المنافقين وافتضاحهم ﴿فيصبحوا﴾ أي: هؤلاء المنافقون ﴿على ما أسرّوا في أنفسهم﴾ أي: على ما استبطنوه من الكفر والشك في أمر الرسول فضلاً عما أظهروه مما أشعر به نفاقهم ﴿نادمين﴾ أي: ثابت لهم غاية الندم في الصباح وغيره وقوله تعالى:
﴿ويقول الذين آمنوا﴾ قرأه عاصم وحمزة والكسائي بالرفع على أنه كلام مبتدأ ويؤيده قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر مرفوعاً بغير واو على أنه جواب قائل يقول: فماذا يقول المؤمنون حينئذٍ وقرأ بالنصب أبو عمرو عطفاً على يأتي باعتبار المعنى وكأنه قال: عسى الله أن يأتي بالفتح، ويقول الذين آمنوا ﴿أهؤلاء الذين أقسموا با جهد أيمانهم﴾ أي: غاية اجتهادهم فيها ﴿إنهم لمعكم﴾ في الدين أي: يقوله المؤمنون بعضهم لبعض تعجباً من حال المنافقين وتبجعاً بما منّ الله تعالى عليهم من الإخلاص، أو يقولون لليهود: فإنّ المنافقين حلفوا لهم بالمعاضدة كما حكى الله تعالى عنهم بقوله: ﴿وإن قوتلتم لننصرنكم﴾ (الحشر آية: ١١) ﴿حبطت﴾ أي: بطلت ﴿أعمالهم﴾ أي: الصالحة ﴿فأصبحوا﴾ أي: فصاروا ﴿خاسرين﴾ الدنيا بالفضيحة والآخرة بالعقاب.
﴿يأيها الذين آمنوا﴾ أي: أقروا بالإيمان ﴿من يرتدد﴾ أي: يرجع ﴿منكم عن دينه﴾ إلى الكفر وهذا من الكائنات التي أخبر الله تعالى عنها في القرآن قبل وقوعها وكان أهل الردّة إحدى عشرة فرقة ثلاثة في عهد رسول الله ﷺ.
(١٥/٧٧)