﴿وإن يمسسك الله بضر﴾ أي: ببلاء كمرض وفقر والضرّ اسم جامع لما ينال الإنسان من ألم ومكروه وغير ذلك مما هو في معناه ﴿فلا كاشف﴾ أي: لا رافع ﴿له إلا هو﴾ لا غيره ﴿وإن يمسسك بخير﴾ أي: بصحة وغنى والخير إسم جامع لكل ما ينال الإنسان من لذة وفرح وسرور وغير ذلك ﴿فهو على كل شيء قدير﴾ من الخير والضر وهذه الآية وإن كانت خطاباً للنبيّ ﷺ فهي عامة لكل أحد والمعنى وإن يمسسك الله بضرّ أيها الإنسان فلا كاشف لذلك الضر إلا هو وإن يمسسك بخير أيها الإنسان فهو على كل شيء قدير من رفع الضرر وإيصال الخير، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: أهدي للنبيّ ﷺ بغلة أهداها له كسرى فركبها بحبل من شعر ثم أردفني خلفه فسار بي ملياً ثم التفت إليّ فقال لي: «يا غلام» فقلت: لبيك يا رسول الله قال: «أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أنّ الأمّة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعت على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف». وفي رواية: «اعلم أنّ النصر مع الصبر والفرج مع الكرب وأنّ مع العسر يسراً» «ولن يغلب عسر يسرين». وفي رواية: «فقد مضى القلم بما هو كائن فلو جهد الخلق أن ينفعوك بما لم يقضه لك الله لم يقدروا عليه ولو جهدوا أن يضرّوك بما لم يكتب الله عليك ما قدروا عليه».
﴿وهو القاهر﴾ أي: القادر الذي لا يعجزه شيء مستعلياً ﴿فوق عباده﴾ فهم مقهورون تحت قدرته وكل من قهر شيئاً فهو مستعل عليه بالقهر والغلبة ﴿وهو الحكيم﴾ في خلقه ﴿الخبير﴾ ببواطنهم كظواهرهم ونزل لما قالت قريش للنبيّ ﷺ يا محمد لقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أن ليس لك عندهم ذكر ولا صفة فأرنا ما يشهد لك.
(١٥/١٦١)


الصفحة التالية
Icon