وروي أنه ﷺ قال: «بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار». وفي رواية «نضر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأدّاها فربّ مبلغ أوعى من سامع». وفي رواية «فربّ حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» وقال مقاتل: من بلغه القرآن من الجنّ والإنس فهو نذير له وقوله تعالى: ﴿أئنكم لتشهدون أنّ مع الله آلهة أخرى﴾ إستفهام إنكاري قل: يا محمد لهؤلاء المشركين الذين جحدوا نبوّتك واتخذوا آلهة غيري إنكم أيها المشركون لتشهدون أنّ مع الله آلهة أخرى وهي الأصنام التي كانوا يعبدونها ﴿قل﴾ لهم ﴿لا أشهد﴾ بما تشهدون به أنّ مع الله آلهة أخرى بل أجد ذلك وأنكره ﴿قل إنما هو إله واحد﴾ لا شريك له وبذلك أشهد ﴿وإنني بريء مما تشركون﴾ معه من الأصنام، وفي الآية دليل على إثبات التوحيد ونفي الشريك لأنّ كلمة إنما تفيد الحصر فثبت بذلك إيجاب التوحيد والتبري من كل معبود سوى الله تعالى.
﴿الذين آتيناهم الكتاب﴾ أي: التوراة والإنجيل وهم علماء اليهود والنصارى ﴿يعرفونه﴾ أي: محمداً ﷺ بنعته وصفته ﴿كما يعرفون أبناءهم﴾ من بين الصبيان.
روي أنّ النبيّ ﷺ لما قدم المدينة وأسلم عبد الله بن سلام قال عمر رضي الله تعالى عنه: إنّ الله تعالى أنزل على نبيه محمد ﷺ بمكة هذه الآية فكيف هذا؟ فقال عبد الله بن سلام: قد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني ولأنا أشدّ معرفة بمحمد ﷺ من ابني فقال له عمر: كيف ذلك؟ فقال: أشهد أنه رسول الله حقاً ولا أدري ما تصنع النساء ﴿الذين خسروا أنفسهم﴾ من أهل الكتاب والمشركين ﴿فهم لا يؤمنون﴾ به لما سبق لهم من الفضاء بالشقاء.
(١٥/١٦٤)


الصفحة التالية
Icon