والمعنى: أنّ أسناد مشيئة الجمع إلى الله تعالى ظاهر في أنه هو المهدي والمضل والمعتزلة لما قالوا: إنه بفعل العبد احتاجوا إلى التأويل ﴿فلا تكونن من الجاهلين﴾ أي: لا يشتدّ تحسرك على تكذيبهم ولا تجزع من إعراضهم عنك فتقارب حال الجاهلين الذين لا صبر لهم وإنما نهاه عن هذه الحالة وغلظ عليه الخطاب تبعيداً له عن هذه الحالة.
(١٥/١٧٤)
﴿إنما يستجيب﴾ دعاءك إلى الإيمان ﴿الذين يسمعون﴾ سماع تفهم واعتبار كقوله تعالى: ﴿أو ألقى السمع وهو شهيد﴾ (ق، ٣٧) وهم المؤمنون الذين فتح الله تعالى لهم أسماع قلوبهم فهم يسمعون الحق ويستجيبون له ويتبعونه دون من ختم الله على سمع قلبه وهو قوله: ﴿والموتى﴾ أي: الكفار لشبههم بهم في عدم السماع ﴿يبعثهم الله﴾ في الآخرة ﴿ثم إليه يرجعون﴾ أي: يردّون فيجازيهم بأعمالهم.
﴿وقالوا﴾ أي: رؤساء قريش ﴿لولا﴾ أي: هلا ﴿نزل عليه آية﴾ مما اقترحوا ﴿من ربه﴾ المحسن إليه كالناقة والعصا والمائدة أو آية تضطرّهم إلى الإيمان كنتق الجبل أو آية إن جحدوها هلكوا ﴿قل﴾ لهم ﴿إنّ الله قادر على أن ينزل آية﴾ مما اقترحوه أو آية تضطرّهم إلى الإيمان أو آية إن جحدوها هلكوا لا يعجزه شيء ﴿ولكنّ أكثرهم لا يعلمون﴾ أي: ماذا عليهم في إنزالها من العذاب إن لم يؤمنوا بها ولهم فيما أنزل مندوحة عن غيره، وقرأ ابن كثير: ينزل، بسكون النون وتخفيف الزاي، والباقون بفتح النون وتشديد الزاي والمعنى واحد.