﴿وكذب به﴾ أي: القرآن أو العذاب ﴿قومك﴾ أي: الذين من حقهم أن يقوموا بجميع أمرك ويسرّوا بسيادتك فإنّ القبيلة إذا ساد أحدهم عزت به فإن عزه عزها وشرفه شرفها ولا سيما إذا كان من بيت الشرف ومعدن السيادة وإذا سفل أحدها اهتمت به غاية الاهتمام وسترت عيوبها مهما أمكنها فإنّ عاره لاحق لها فهو من عظيم التوبيخ لهم ودقيق التقريع لهم وزاد ذلك بقوله: ﴿وهو﴾ أي: والحال أنه ﴿الحق﴾ أي: الثابت الذي لا يضره التكذيب به ولا يمكن زواله ﴿قل﴾ لهم ﴿لست عليكم بوكيل﴾ أي: حفيظ وكل إلي أموركم فأجازيكم أو أمنعكم من التكذيب إنما أنا منذر والله الحفيظ ﴿لكل نبأ﴾ أي: خبر أخبركم به من هذه الأخبار ﴿مستقر﴾ أي: وقت يقع فيه ويستقرّ ومنه عذابكم ﴿وسوف تعلمون﴾ صحة ذلك عند وقوعه، إمّا في الدنيا وإمّا في الآخرة وفي ذلك تهديد لهم.
﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا﴾ أي: القرآن بالاستهزاء والتكذيب ﴿فأعرض عنهم﴾ أي: فاتركهم ولا تجالسهم ﴿حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ أي: حتى يكون خوضهم في غير الآيات والاستهزاء بها، وذكر الضمير على معنى الآيات لأنها القرآن والخطاب للنبيّ ﷺ والمراد غيره ليكون أردع أو لغيره أي: وإذا رأيت أيها الإنسان ﴿وإمّا﴾ فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة ﴿ينسينك الشيطان﴾ أي: فقعدت معهم ثم تذكرت ﴿فلا تقعد بعد الذكرى﴾ أي: التذكير لهذا النهي ﴿مع القوم الظالمين﴾ أظهر موضع الإضمار تفهماً ودلالة على الوصف الذي هو سبب الخوض.
وروي أنّ المسلمين قالوا: لئن كنا نقوم كلما استهزؤوا بالقرآن لم نستطع أن نجلس بالمسجد ونطوف فنزل:
(١٥/١٩٧)


الصفحة التالية
Icon