﴿وهو الذي أنشأكم﴾ أي: خلقكم ﴿من نفس واحدة﴾ أي: من آدم عليه الصلاة والسلام فهو أبو البشر كلهم وحوّاء مخلوقة منه وعيسى أيضاً لأنّ ابتداء خلقه من مريم وهي من بنات آدم فثبت أنّ جميع البشر من آدم عليه السلام ﴿فمستقرّ ومستودع﴾ أي: فمستقرّ في الرحم ومستودع في القبر إلى أن يبعث أو فمستقر في أرحام الأمّهات ومستودع في أصلاب الآباء، قال سعيد بن جبير: قال لي ابن عباس: هل تزوّجت؟ قلت: لا، قال: أما إنه ما كان مستودعاً في ظهرك فسيخرجه الله عز وجلّ أو مستقرّ في الرحم ومستودع فوق الأرض قال تعالى: ﴿ونقرّ في الأرحام ما نشاء﴾ أو فمستقرّ على وجه الأرض ومستودع عند الله في الآخرة أو فمستقرّ في القبر ومستودع في الدنيا وكان الحسن يقول: يا ابن آدم أنت وديعة في أهلك يوشك أن تلحق بصاحبك أو فمستقرّ في القبر ومستودع في الجنة أو النار قال تعالى في صفة الجنة: حسنت مستقرّاً وفي صفة النار وساءت مستقرّاً، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر القاف على اسم الفاعل والمستودع مفعول أي: فمنكم قار ومنكم مستودع لأنّ الاستقرار من الله تعالى دون الاستيداع لأنّ الاستقرار في الأصلاب أو فوق الأرض، لا صنع للعبد فيه بخلاف الاستيداع في الأرحام أو تحت الأرض، والباقون بالنصب ﴿قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون﴾ أي: يفهمون ما يقال لهم ذكر مع ذكر النجوم يعلمون لأنّ أمرها ظاهر وذكر مع تخليقه بني آدم يفقهون لأنّ إنشاءهم من نفس واحدة وتصريفهم بين أحوال مختلفة دقيق غامض يحتاج إلى استعمال فطنة وتدقيق نظر ﴿وهو الذي أنزل من السماء ماء﴾ أي: مطراً وهو من السحاب أو من جانب السماء، وقيل: إنّ الله تعالى ينزله من السماء إلى السحاب ثم من السحاب إلى الأرض ﴿فأخرجنا به﴾ أي: بالماء وفي ذلك التفات حيث لم يقل فأخرج على وفق أنزل ﴿نبات كلّ شيء﴾ أيّ شيء ينبت وينمو من جميع أصناف النبات فالسبب واحد وهو الماء والمسيبات صنوف متفرّقة كما قال تعالى: {يسقى بماء واحد


الصفحة التالية
Icon