﴿وكذلك﴾ أي: ومثل ما جعلنا لك أعداء من كفار الإنس والجنّ ﴿جعلنا لكل نبيّ﴾ أي: ممن كان قبلك ﴿عدواً﴾ ويبدل منه ﴿شياطين﴾ أي: مردة ﴿الإنس والجنّ﴾ وفي هذا دليل على أنّ عداوة الكفرة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام بفعل الله تعالى وخلقه ﴿يوحي﴾ أي: يوسوس ﴿بعضهم﴾ أي: الشياطين من النوعين ﴿إلى بعض زخرف القول﴾ أي: مموهه من الباطل ﴿غروراً﴾ أي: لأجل أن يغروهم بذلك ﴿ولو شاء ربك﴾ إيمانهم ﴿ما فعلوه﴾ أي: هذا الذي أنبأتك به من عداوتهم وما تفرع عليها وفي هذا دليل أيضاً ﴿فذرهم﴾ أي: اترك الكفرة على أيّ حالة اتفقت ﴿وما يفترون﴾ من الكفر وغيره مما زين لهم وهذا قبل الأمر بالقتال، وقوله تعالى:
(١٥/٢٤٣)
﴿ولتصغى﴾ عطف على غروراً إن جعل علة أي: ولتميل ميلاً قوياً ﴿إليه﴾ أي: الزخرف الباطل ﴿أفئدة﴾ أي: قلوب ﴿الذين لا يؤمنون بالآخرة﴾ أي: ليس في طبعهم الإيمان بها لأنها غيب واهم لبلادتهم واقفون مع وهمهم ولذلك استولت عليهم الدنيا التي هي من أصل الغرور أو متعلق بمحذوف أي: وليكون ذلك جعلنا لكل نبيّ عدواً، والمعتزلة لما اضطروا فيه قالوا: اللام لام العاقبة وهو قول الزمخشريّ في كشافه إنّ اللام للصيرورة ﴿وليرضوه﴾ أي: الزخرف الباطل لأنفسهم ﴿وليقترفوا﴾ أي: يكتسبوا ﴿ما هم مقترفون﴾ من الآثام فيعاقبوا عليها ونزل لما قال مشركوا قريش للنبيّ ﷺ اجعل بيننا وبينك حكماً من أحبار اليهود وإن شئت من أساقفة النصارى ليخبرنا عنك بما في كتابهم من أمرك.
(١٥/٢٤٤)