﴿وذروا﴾ أي: اتركوا ﴿ظاهر الإثم وباطنه﴾ أي: ما أعلنتم به وما أسررتم به من الذنوب كلها، وقيل: المراد بظاهر الإثم أفعال الجوارح وبباطنه أفعال القلوب فيدخل فيه الحسد والكبر والعجب وإرادة الشرّ للمسلمين ونحو ذلك، وقيل: ظاهر الإثم الزناة في الحوانيت وباطنه المرأة يتخذها الرجل صديقة فيأتيها سراً ﴿إنّ الذين يكسبون الإثم﴾ في الدنيا بارتكاب المعاصي ﴿سيجزون﴾ في الآخرة ﴿بما كانوا يقترفون﴾ أي: يكسبون وظاهر هذا النص يدل على عقاب المذنب ومذهب أهل السنة إنه إذا لم يتب فهو في خطر المشيئة إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه بفضله أمّا إذا تاب من الذنب توبة صحيحة لم يعاقب فإنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
(١٥/٢٤٨)
﴿ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه﴾ قال ابن عباس: الآية في تحريم الميتات وما في معناها من المنخنقة وغيرها، وقال عطاء: الآية في تحريم الذبائح التي كانوا يذبحونها على اسم الأصنام، واختلف أهل العلم في ذبيحة المسلم إذا لم يذكر اسم الله تعالى عليها فذهب قوم إلى تحريمها سواء أتركت التسمية عمداً أم نسياناً وهو قول ابن سيرين والشعبيّ واحتجوا بظاهر الآية وذهب قوم إلى حلها مطلقاً، ويروى ذلك عن ابن عباس وهو قول الشافعي وأحمد وذهب قوم إلى أنه إن ترك التسمية عامداً لم تحل أو ناسياً حلت وهو مذهب مالك، ومن قال بالإباحة مطلقاً قال المراد من الآية الميتات وما ذبح على غير اسم الله بدليل قوله تعالى: ﴿وإنه لفسق﴾ أي: ما ذكر عليه اسم غير الله كما قال تعالى في آخر السورة: ﴿قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً﴾ إلى قوله: ﴿أو فسقاً أهل لغير الله به﴾ (الأنعام، ١٤٥)