﴿ولكل﴾ أي: من العاملين بطاعة أو معصية ﴿درجات﴾ أي: جزاء ﴿مما عملوا﴾ أي: من خير وشر إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشر وإنما سميت درجات لتفاضلها في الارتفاع والانخفاض كتفاضل الدرج ﴿وما ربك بغافل عما يعملون﴾ أي: عن شيء يعمله أحد من الفريقين بل هو عالم بكل شيء من ذلك وبما يستحقه العامل من ثواب أو عقاب، وقرأ ابن عامر بالتاء على تغليب الخطاب على الغيبة، والباقون بالياء على الغيبة.
﴿وربك الغني﴾ أي: الغنى المطلق عن كل عابد وعبادته فليعمل العامل لنفع نفسه أو ضرها ﴿ذو الرحمة﴾ أي: التجاوز عن خلقه فمن رحمته إرسال الرسل وتأخير العذاب عن المذنبين لعلهم يتوبون ويرجعون ﴿إن يشأ يذهبكم﴾ يا أهل مكة بالإهلاك ففيه وعيد وتهديد لهم ﴿ويستخلف من بعدكم﴾ أي: بعد إهلاككم ﴿ما يشاء﴾ أي: خلقاً غيركم أمثل وأطوع منكم ﴿كما أنشأكم من ذرية﴾ أي: نسل ﴿قوم آخرين﴾ أذهبهم لم يكونوا على مثل صفتكم وهم أهل سفينة نوح عليه السلام ولكنه أبقاكم رحمة بكم.
﴿إنما توعدون﴾ من مجيء الساعة والبعث بعد الموت والحشر للحساب يوم القيامة ﴿لآت﴾ لا محالة ﴿وما أنتم بمعجزين﴾ أي: فائتين عذابنا.
﴿قل﴾ يا محمد لقومك من كفار قريش ﴿يا قوم اعملوا على مكانتكم﴾ أي: حالتكم التي أنتم عليها ﴿إني عامل﴾ على حالتي التي أنا عليها والمعنى: اثبتوا على كفركم وعداوتكم لي فإني ثابت على الإسلام وعلى مصابرتكم، والتهديد بصيغة الأمر مبالغة في الوعيد ﴿فسوف تعلمون﴾ غداً في القيامة ﴿من﴾ موصولة مفعول العلم ﴿تكون له عاقبة الدار﴾ أي: العاقبة المحمودة في الدار الآخرة أنحن أم أنتم ﴿إنه لا يفلح﴾ أي: يسعد ﴿الظالمون﴾ أي: الكافرون.
(١٥/٢٥٧)