﴿إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله﴾ وإنما تفيد الحصر فصارت هذه الآية المدنية مطابقة للآية المكية في الحكم ولكن الذي ذهب إليه جمهور العلماء أنّ التحريم لا يختص بهذه فقط بل المحرّم ما كان بنص كتاب أو سنة، وقد وردت السنة بتحريم أشياء غير ذلك منها تحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع أو مخلب من الطيور وورد النهي عن أكل الهر وأكل ثمنه ويحرم أيضاً كل ما أمر بقتله كالحدأة والغراب الأبقع أو نهي عن قتله كالهدهد والخفاش وما لا نص فيه بتحريم أو تحليل أو بما يدل على أحدهما كالأمر بالقتل والنهي عنه إن استطابته عرب ذوو يسار وطباع سليمة حال رفاهية حل وإن استخبثوه فلا يحل فإن اختلفوا في استطابته اتبع الأكثر فإن استووا فقريش لأنهم قطب العرب وفيهم الفتوّة فإن اختلفت أو لم تحكم بشيء اعتبر الأشبه به من الحيوانات فإن استوى الشبهان أو لم يوجد ما يشبهه فحلال لهذه الآية وما جهل اسمه عمل بتسمية العرب له مما هو حلال أو حرام.
ولما حرّم الله تعالى هذه الأشياء أباح أكلها عند الاضطرار بقوله تعالى: ﴿فمن اضطر﴾ أي: حصل له جوع خشي منه التلف ﴿غير باغ﴾ أي: على مضطر مثله ﴿ولا عاد﴾ أي: ولا متجاوز قدر الضرورة، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر والكسائي بضم النون في الوصل والباقون بالكسر ﴿فإنّ ربك غفور﴾ لا يؤاخذه بالأكل ﴿رحيم﴾ به حيث أباح له ذلك.
(١٥/٢٧٠)