والمؤمنون يقولون ذلك ولكنّ المشركين قالوا تكذيباً وتحريضاً وجدلاً من غير معرفة بالله وبما يقولون نظيره قوله تعالى: ﴿وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم﴾ (الزخرف، ٢٠)
قال الله تعالى: ﴿ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون﴾ (الزخرف، ٢٠)
وقد علم من ذلك أن أمر الله تعالى بمعزل عن مشيئته وإرادته فإن مريد لجميع الكائنات غير آمر بجميع ما يريد وعلى العبد أن يتبع أمره وليس له أن يتعلق بمشيئته فإنّ مشيئته لا تكون عذراً لأحد.
﴿قل﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين القائلين ما ذكر ﴿هل عندكم﴾ أيها الجهلة ﴿من علم﴾ أي: من أمر معلوم يصح الاحتجاج به على ما زعمتم من تحريم ما حرمتم وإنّ الله راض بشرككم ﴿فتخرجوه لنا﴾ أي: فتنظروه لنا وتبينوه لنا كما بينا لكم خطأكم ﴿إن﴾ أي: ما ﴿تتبعون﴾ في ذلك ﴿إلا الظن﴾ أي: فيما أنتم عليه ولا علم عندكم ﴿وإن أنتم إلا تخرصون﴾ أي: وما أنتم في ذلك كله إلا تكذبون وتقولون على الله تعالى الباطل.
﴿قل﴾ لهم حين عجزوا عن إظهار الحجة ﴿فللّه الحجة البالغة﴾ أي: التامة على خلقه بإنزال الكتب وإرسال الرسل، قال الربيع بن أنس: لا حجة لأحد عصى الله وأشرك به على الله ولكن لله الحجة البالغة على عباده ﴿فلو شاء﴾ الله هدايتكم ﴿لهداكم أجمعين﴾ ولكنه لم يشأ ذلك بل شاء هداية بعض وضلال بعض آخر فوقع ذلك على الوجه الذي شاءه لا يسئل عما يفعل.
(١٥/٢٧٥)


الصفحة التالية
Icon