روي أنّ الله تعالى لم يهلك قوماً هلاكاً عامّاً بعد نزول التوراة، وقيل: تماماً على المحسنين من قوم موسى فيكون الذي بمعنى من أي: على من أحسن من قومه وكان فيهم محسن ومسيء، وقيل: الذي أحسن هو موسى عليه السلام أي: إتماماً للنعمة عليه لإحسانه بالعبادة أو الذي بمعنى ما أي: ما أحسن، وقوله تعالى: ﴿وتفصيلاً﴾ عطف على تماماً أي: وبياناً ﴿لكل شيء﴾ أي: يحتاج إليه في الدين ﴿وهدى﴾ أي: فيه هدى من الضلالة ﴿ورحمة﴾ أي: إنزاله عليهم رحمة لهم ﴿لعلهم﴾ أي: بني إسرائيل ﴿بلقاء ربهم﴾ أي: بالبعث والجزاء ﴿يؤمنون﴾ أي: ليكون حالهم بعد إنزال الكتاب لما يرون من حسن شرائعه وفخامة كلامه وجلالة أمره حال من يرجو أن يجدد الإيمان في كل وقت بلقاء ربه وليذكروا ما أنعم به عليهم من إخراجهم من مصر من العبودية والرق.
﴿وهذا﴾ أي: القرآن ﴿كتاب﴾ أي: عظيم ﴿أنزلناه﴾ إليكم أي: بلسانكم حجة عليكم ﴿مبارك﴾ أي: كثير الخير والنفع والبركة ﴿فاتبعوه﴾ أي: اتبعوا ما فيه من الأوامر والنواهي والأحكام ﴿واتقوا﴾ الكفر ﴿لعلكم ترحمون﴾ أي: بواسطة اتباعه وهو العمل بما فيه، ثم بيّن تعالى المراد من إنزاله فقال:
(١٥/٢٨٠)
﴿أن﴾ أي: كراهة أن ﴿تقولوا إنما أنزل الكتاب﴾ أي: التوراة والإنجيل ﴿على طائفتين من قبلنا﴾ أي: اليهود والنصارى ﴿وإن كنا﴾ أي: وقد كنا وإن هي المخففة من الثقيلة ولذلك دخلت اللام الفارقة بينها وبين النافية في خبر كان أي: وإنه كنا ﴿عن دراستهم﴾ قراءتهم لكتابهم قراءة مردودة ﴿لغافلين﴾ أي: لا نعرف حقيقتها ولا ثبت عندنا حقيقتها ولا هي بلساننا.


الصفحة التالية
Icon