انطلقَ طالوتُ في الصحراءِ بحثًا عن قطِيعِهِ فسارَ مَسافةً طَويلةً، حتى إذا أَجهَدهُ التعبُ وانحدرتِ الشمسُ نحو المَغيبِ ولم يجدْ غنَمه ويَئِسَ من العُثور عليها، قرر أَن يذهبَ إلى الحكيم ليسألَه أَين ضاعتْ.
عاد طالوتُ من الصحراءِ وشقَّ طريقَهُ إلى بيتِ حكيمهم ودخلَ عليه.
طالوتُ: أَيُّها الحكيمُ الكريمُ، خرجتُ أرعى الأغنامَ والحميرَ، فَشردتْ مني في الصحراءِ، ولم أَعرفُ أَين ذهبتْ، وقد جئتُ أسألُك عنها.
الحكيم: هل تُحِسُّ بالقلقِ على أَغنامِكَ وحَميرِكَ؟
طالوتُ: نعم.
الحكيم: لا تُشغْل بالَك بها، فقد عادتْ إلى بيت أَبيكَ. دعكَ من مَوضوعِ الأغنامِ واستمعْ إلىَّ. لقد سأَلني الَملأُ من بني إسرائيلَ أَن أَدعوا الله أن يختارَ لهم ملكًا يُقاتِلونَ تحت رَايتِهِ في سبيل الله، وقد دعوتُ الله؛ فاختاركَ مَلِكًا على بني إسرائيلَ. وعليكَ أن تُعِدَّ نَفسكَ للقِتال.
طالوت: الله هو الذي اختارَني؟
الحكيم: نعم.
قال طالوتُ وهو يُحسُّ بالسّعادةِ والرّهبةِ: أنا رهْنُ إشارتِكَ.
الحكيم: غَدًا نُقابلُ رؤَساءَ بني إسرائيلَ.
جاءَ الغدُ، فاجتَمَع رؤساءُ بني إسرائيلَ واجتَمَعَ معهم طالوتُ.
وقال لهم حكيمُهُم: إن الله قد بعثَ لكُم طالوتَ مَلِكًا.
برزتْ عواملُ العِنادِ في نُفوسِ بني إسرائيلَ.
القوم: كيف يكونُ له المُلكُ ونحن أَحقُّ بالمُلكِ منه؟
الحكيم: لماذا تَتَصوَّرونَ أنكُم أَحقُّ بالمُلكِ منه؟
قال الرؤساءُ: نحن أغنى كثيرًا منه. انْظُرْ إليه، إنه يرتدي ملابسَ الرُّعاةِ الفقيرةِ.
الحكيم: ليستِ العِبرةُ في حُكمِ الشعُّوبِ بالغِنى أو الفَقر، العِبرةُ بالقدرة على قِيادَتِها، إن طالوتَ هو اختيارُ الله تعالى لَكُم، وقد اختاره الله تعالى لِعِلمِه وقُدرَتِه.
القوم: نحن نُصدِّقُك أَيها الحكيم، ولكن كيفَ نَتأكَّدُ أن الله هو الذي اختارَه؟
اذهبوا إلى المَعْبَدِ غدًا فسوف تَقعُ المُعجزةُ ويَأْتيكُم تابوتُ العهدِ.


الصفحة التالية
Icon