احتَشدَ خلقٌ هائلٌ من بني إسرائيلَ في اليومِ التَالي؛ انتِظارًا لوُقوعِ المُعجِزةِ. كان تابوتُ العهدِ يَضُمُّ بَعضَ أَلواحِ التوراةِ التي أُنزلتْ على موسى، كما كان فيه بعضُ آثارٍ تَركَها موسى وهارُون. وكان هذا التابوتُ قد سُلِبَ منهم واستولى عليه عَدُوُّهم.
وقفَ الناسُ يَنتظِرونَ وُقوعَ المُعجِزَةِ، وفي الوقتِ الذي حدَّدهُ نبيُّهم فُوجِئوا أن التابوتَ يَعودُ إلى مكانِه في المَعبد، حَملتهُ الملائِكَةُ وَوضَعتهُ في مكانِه وسطَ دهشةِ الناسِ وانبهارهم. لم يروا الملائكةَ ولكنَّهم رأوا تابوتَ العَهدِ يَسبحُ بِبطءٍ وجَلالٍ إلى مكانِهِ في المَعبدِ.
وأَحَسَّ الناسُ بالسَّكينةِ واطمأنّوا لاختيارِ طالوتَ ملِكًا عليهِم.
أصبحَ طالوتُ ملِكًا على قَومِه.
قَدَّم الناسُ له فروضَ الطّاعةِ في حفلٍ كبيرٍ وانتظَروا أوامِرَه.
كان أولُ أمرٍ أصدرَه طالوتُ أن يَبدأَ تكوينَ جيشٍ قويّ يَتدربُ على القِتالِ.
أرسلَ طالوتُ في كلِّ قُرى بني إسرائيلَ يدعوُ الشبابَ القادرَ على حملِ السلاحِ إلى الحرب. انضمَّ إلى الجَيشِ جَمْعٌ كثيرٌ من الشبابِ والرجالِ. وبدأتْ مصانعُ الدُّروعِ والأسلِحَةِ تعملُ، وبدأَ التدريبُ على استِخدامِ الأسلحةِ.
كان عدوُّهُم هو جالوتَ، وكان جالوتُ قائِدًا عَظيمًا لم يَهزمْهُ أَحدٌ. وكان يتبعُه جيشٌ هائِلٌ لا نِهايةَ لِجُنودِه ولا مثيلَ لأسلحَتِه في القُوةِ. وكانَ جالوتُ يُشبِهُ إعصارًا مُدمِّرًا لا يُقاومُه أَحَدٌ.
كان طالوتُ حَكيمًا فأَدركَ أن جَوهَر النَّصر لا يَكْمُنُ في قُوةِ السلاحِ بِقدرِ ما يخضَعُ لِقُوةِ الإرادة، أدركَ أَن الغَلَبَةَ ليستْ بتعدد الجُنودِ إنما بِصلابةِ العَزيمة. وهكذا اطمأنَّ طالوتُ لِقُوةِ الجيشِ، ولكنّه لم يكُن قد اطمأنّ بعد لِقُوةِ الرُّوحِ المَعنويّةِ عند الجُنودِ والقادةِ.