في ذلك فساد ما في الأرض وانتفاء الاستقامة عن احوال الناس والزروع والمنافع الدينية والدنيوية
قال الله تعالى
! ٢ < وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل > ٢ ! البقرة ٢٠٥
! ٢ < أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء > ٢ ! البقرة ٣٠ ومنه قيل لحرب كانت بين طيء حرب الفساد
وكان فساد المنافقين في الأرض أنهم كانوا يمايلون الكفار ويمالئونهم على المسلمين بإفشاء أسرارهم اليهم وإغرائهم عليهم وذلك مما يؤدي الى هيج الفتن بينهم فلما كان ذلك من صنيعهم مؤديا الى الفساد قيل لهم
! ٢ < لا تفسدوا > ٢ !
كما تقول للرجل لا تقتل نفسك بيدك ولا تلق نفسك في النار اذا أقدم على ما هذه عاقبته
! ٢ < إنما > ٢ !
لقصر الحكم على شيء كقولك إنما ينطق زيد او لقصر الشيء على حكم كقولك إنما زيد كاتب
ومعنى
! ٢ < إنما نحن مصلحون > ٢ !
ان صفة المصلحين خلصت لهم وتمحضت من غير شائبة قادح فيها من وجه من وجوه الفساد
! ٢ < الآ > ٢ ! مركبة من همزة الاستفهام وحرف النفي لإعطاء معنى التنبيه على تحقق ما بعدها والاستفهام اذا دخل على النفي أفاد تحقيقا كقوله
! ٢ < أليس ذلك بقادر > ٢ ! القيامة ٤٠ ولكونها في هذا المنصب من التحقيق لا تكاد تقع الجملة بعدها الا مصدرة بنحو ما يتلقى به القسم وأختها التي هي أما من مقدمات اليمين وطلائعها
( أما والذي لا يعلم الغيب غيره % )
( اما والذي أبكى وأضحك % )
رد الله ما ادعوه من الانتظام في جملة المصلحين أبلغ رد وادله على سخط عظيم والمبالغة فيه من جهة الاستئناف وما في كلتا الكلمتين ألا
وإن من التأكيدين وتعريف الخبر وتوسيط الفصل
وقوله
! ٢ < لا يشعرون > ٢ !
أتوهم في النصيحة من وجهين احدهما تقبيح ما كانوا عليه لبعده من الصواب وجره الى الفساد والفتنة
والثاني تبصيرهم الطريق الأسد من اتباع ذوي الأحلام ودخولهم في عدادهم فكان من جوابهم ان سفهوهم لفرط سفههم وجهلوهم لتمادي جهلهم
وفي ذلك تسلية للعالم مما يلقى من الجهلة فإن قلت كيف صح أن يسند ( قيل ) الى ( لا تفسدوا وآمنوا ) وإسناد الفعل الى الفعل مما لا يصح قلت الذي لا يصح هو إسناد الفعل الى معنى الفعل وهذا إسناد