ماله قد ربح وما كانوا مهتدين لطرق التجارة كما يكون التجار المتصرفون العالمون بما يربح فيهم ويخسر
مثلهم كمثل الذى استوقد نارا فلمآ أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمى فهم لا يرجعون - ١٨
< < البقرة :( ١٧ ) مثلهم كمثل الذي..... > > لما جاء بحقيقة صفتهم عقبها بضرب المثل زيادة في الكشف وتتميما للبيان
ولضرب العرب الأمثال وإستحضار العلماء المثل والنظائر شأن ليس بالخفي في إبراز خبيات المعاني ورفع الأستار عن الحقائق حتى تريك المتخيل في صورة المحقق والمتوهم في معرض المتيقن والغائب كأنه مشاهد
وفيه تبكيت للخصم الألد وقمع لسورة الجامح الأبي ولأمر ما اكثر الله في كتابه المبين وفي سائر كتبه أمثاله وفشت في كلام رسول الله ﷺ وكلام الأنبياء والحكماء
قال الله تعالى
! ٢ < وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون > ٢ ! العنكبوت ٤٣ ومن سور الإنجيل سورة الأمثال
والمثل في اصل كلامهم بمعنى المثل وهو النظير
يقال مثل ومثل ومثيل كشبه وشبه وشبيه
ثم قيل للقول السائر الممثل مضربه بمورده
مثل ولم يضربوا مثلا ولا راوه أهلا للتسيير ولا جديرا بالتداول والقبول الا قولا فيه غرابة من بعض الوجوه
ومن ثم حوفظ عليه وحمى من التغيير
فإن قلت ما معنى
! ٢ < مثلهم كمثل الذي استوقد نارا > ٢ !
وما مثل المنافقين ومثل الذي استوقد نارا حتى شبه احد المثلين بصاحبه قلت قد استعير المثل استعارة الأسد للمقدام للحال او الصفة او القصة اذا كان لها شأن وفيها غرابة كانه قيل حالهم العجيبة الشأن كحال الذي استوقد نارا
وكذلك قوله
^ مثل الجنة التى وعد المتقون ^ الرعد ٣٥ أي وفيما قصصنا عليك من العجائب قصة الجنة العجيبة
ثم أخذ في بيان عجائبها
! ٢ < ولله المثل الأعلى > ٢ ! النحل ٢٩ أي صفتهم وشأنهم المتعجب منه
ولما في المثل من معنى الغرابة قالوا فلان مثله في الخير والشر فاشتقوا منه صفة للعجيب الشأن
فإن قلت كيف مثلت الجماعة بالواحد قلت وضع الذي موضع الذين كقوله
! ٢ < وخضتم كالذي خاضوا > ٢ ! التوبة ٦٩ والذي سوغ وضع الذي موضع الذين ولم يجز وضع القائم موضع القائمين ولا نحوه من الصفات أمران أحدهما ان الذي لكونه وصلة الى وصف كل معرفة بجملة وتكاثر وقوعه في كلامهم ولكونه مستطالا بصلته حقيق بالتخفيف ولذلك نهكوه بالحذف فحذفوا ياءه ثم كسرته ثم اقتصروا به على اللام وحدها في أسماء الفاعلين والمفعولين