ونظيره ان يقول الملك لحشمه أن أردتم الكرامة عندي فاحذروا سخطي يريد فأطيعوني واتبعوا امري وافعلوا ما هو نتيجة حذر السخط
وهو من باب الكناية التي هي شعبة من شعب البلاغة وفائدته الإيجاز الذي هو من حلية القرآن وتهويل شأن العناد بإنابة اتقاء النار منا به وإبرازه في صورته مشيعا ذلك بتهويل صفة النار وتفظيع أمرها
والوقود ما ترفع به النار واما المصدر فمضموم وقد جاء فيه الفتح قال سيبويه وسمعنا من العرب من يقول وقدت النار وقودا عاليا ثم قال والوقود أكثر والوقود الحطب وقرأ عيسى بن عمر الهمداني بالضم تسمية بالمصدر كما يقال فلان فخر قومه وزين بلده
ويجوز أن يكون مثل قولك حياة المصباح السليط أي ليس حياته الا به فكأن نفس السليط حياته فإن قلت صلة الذي والتي يجب أن تكون قصة معلومة للمخاطب فكيف علم اولئك ان نار الآخرة توقد بالناس والحجارة قلت لا يمتنع ان يتقدم لهم بذلك سماع من اهل الكتاب او سمعوه من رسول الله ﷺ أو سمعوا قبل هذه الآية قوله تعالى في سورة التحريم
! ٢ < نارا وقودها الناس والحجارة > ٢ ! التحريم ٦ فإن قلت فلم جاءت النار الموصوفة بهذه الجملة منكرة في سورة التحريم وههنا معرفة قلت تلك الاية نزلت بمكة فعرفوا منها نارا موصوفة بهذه الصفة
ثم نزلت هذه بالمدينة مشارا بها الى ما عرفوه اولا
فإن قلت ما معنى قوله تعالى
! ٢ < وقودها الناس والحجارة > ٢ !
قلت معناه أنها نار ممتازة عن غيرها من النيران بأنها لا تتقد الا بالناس والحجارة وبان غيرها إن أريد إحراق الناس بها او إحماء الحجارة أوقدت اولا بوقود ثم طرح فيها ما يراد إحراقه او إحماؤه وتلك اعاذنا الله منها برحمته الواسعة توقد بنفس ما يحرق ويحمي بالنار وبانها لإفراط حرها وشدة ذكائها إذا اتصلت بما لا تشتعل به نار اشتعلت وارتفع لهبها
فإن قلت انار الجحيم كلها موقدة بالناس والحجارة ام هي نيران شتى منها نار بهذه الصفة قلت بل هي نيران شتى منها نار توقد بالناس والحجارة يدل على ذلك تنكيرها في قوله تعالى
! ٢ < قوا أنفسكم وأهليكم نارا > ٢ ! التحريم ٦
! ٢ < فأنذرتكم نارا تلظى > ٢ ! الليل ١٤ ولعل