كيف يكون للناس على الله حجة قبل الرسل وهم محجوجون بما نصبه الله من الأدلة التى النظر فيها موصل الى المعرفة والرسل في أنفسهم لم يتوصلوا الى المعرفة إلا بالنظر في تلك الأدلة ولا عرف انهم رسل الله الا بالنظر فيها قلت الرسل منبهون عن الغفلة وباعثون على النظر كما ترى علماء أهل العدل والتوحيد مع تبليغ ما حملوه من تفضيل أمور الدين وبيان أحوال التكليف وتعليم الشرائع فكان إرسالهم إزاحة للعلة وتتميما لإلزام الحجة لئلا يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولا فيوقظنا من سنة الغفلة وينبهنا لما وجب الانتباه له
وقرا السلمي لكن الله يشهد بالتشديد
فإن قلت الاستدراك لا بد له من مستدرك فما هو قوله
^ لاكن الله يشهد ^
قلت لما سأل أهل الكتاب إنزال الكتاب من السماء وتعنتوا بذلك واحتج عليهم بقوله
! ٢ < إنا أوحينا إليك > ٢ !
قالوا ما نشهد لك بهذا فنزل
^ لاكن الله يشهد ^
ومعنى شهادة الله بما انزل اليه إثباته لصحته بإظهار المعجزات كما تثبت الدعاوى بالبينات
وشهادة الملائكة شهادتهم بانه حق وصدق فإن قلت بم يجاوبون لو قالوا بم يعلم ان الملائكة يشهدون بذلك قلت يجابون بأنه يعلم بشهادة الله لأنه لما علم بإظهار المعجزات أنه شاهد بصحته علم ان الملائكة يشهدون بصحة ما شهد بصحته لأن شهادتهم تبع لشهادته
فإن قلت ما معنى قوله
! ٢ < أنزله بعلمه > ٢ !
وما موقعه من الجملة التى قبله قلت معناه أنزله ملتبسا بعلمه الخاص الذي لا يعلمه غيره وهو تأليفه على نظم وأسلوب يعجز عنه كل بليغ وصاحب بيان وموقعه مما قبله موقع الجملة المفسرة لأنه بيان للشهادة وأن شهادته بصحته انه انزله بالنظم المعجز الفائت للقدرة
وقيل انزله وهو عالم بأنك أهل لإنزاله اليك وأنك مبلغه وقيل أنزله بما علم من مصالح العباد مشتملا عليه ويحتمل أنه أنزل وهو عالم به رقيب عليه حافظ له من الشياطين برصد من الملائكة والملائكة يشهدون بذلك كما قال في آخر سورة الجن
ألا ترى الى قوله تعالى
! ٢ < وأحاط بما لديهم > ٢ ! الجن ٨ والإحاطة بمعنى العلم
! ٢ < وكفى بالله شهيدا > ٢ !
وإن لم يشهد غيره لأن التصديق بالمعجزة هو الشهادة حقا
^ قل اي شيء اكبر شهادة قل الله ^ الأنعام ١٩

__________


الصفحة التالية
Icon