فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته
وقد علمت ان معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله وهو المطابق للطائف التنزيل واختصاراته فكان الله عز اسمه عدد على العرب الألفاظ التى منها تراكيب كلامهم إشارة الى ما ذكرت من التبكيت لهم وإلزام الحجة إياهم
ومما يدل على أنه تغمد بالذكر من حروف المعجم اكثرها وقوعا في تراكيب الكلم ان الألف واللام لما تكاثر وقوعهما فيها جاءتا في معظم هذه الفواتح مكررتين
وهي فواتح سورة البقرة وآل عمران والروم والعنكبوت ولقمان والسجدة والأعراف والرعد ويونس وابراهيم وهود ويوسف والحجر
فإن قلت فهلا عددت بأجمعها في اول القرآن وما لها جاءت مفرقة على السور قلت لأن اعادة التنبيه على ان المتحدى به مؤلف منها لا غير وتجديده في غير موضع واحد اوصل الى الغرض وأقر له في الأسماع والقلوب من ان يفرد ذكره مرة وكذلك مذهب كل تكرير جاء في القرآن فمطلوب به تمكين المكرر في النفوس وتقريره
فإن قلت فهلا جاءت على وتيرة واحدة ولم اختلفت اعداد حروفها فوردت ص وق ون على حرف وطه وطس ويس وحم على حرفين والم والر وطسم على ثلاثة احرف والمص والمر على اربعة احرف وكهيعص وحم عسق على خمسة احرف قلت هذا على إعادة افتنانهم في أساليب الكلام وتصرفهم فيه على طرق شتى ومذاهب متنوعة
وكما ان أبنية كلماتهم على حرف وحرفين الى خمسة احرف لم تتجاوز ذلك سلك بهذه الفواتح ذلك المسلك
فإن قلت فما وجه اختصاص كل سورة بالفاتحة التي اختصت بها قلت اذا كان الغرض هو التنبيه والمبادىء كلها في تأدية هذا الغرض سواء لا مفاضلة كان تطلب وجه الاختصاص ساقطا كما اذا سمى الرجل بعض اولاده زيدا والآخر عمرا لم